(الآيات) في اليهود والمنافقين انّهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين وينظرون الى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم فاذا رأى المؤمنون نجويهم قالوا : ما نريهم الّا وقد بلغهم عن اقربائنا وإخواننا الّذين خرجوا في السّرايا قتل أو مصيبة أو هزيمة ، فيحزنهم ذلك فلمّا طال ذلك شكوا الى رسول الله (ص) فأمرهم ان لا يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا الى مناجاتهم ، لكن نقول : ان كان نزولها في اليهود فالمقصود منها منافقوا الامّة الّذين كانوا يتناجون في ردّ قول محمّد (ص) في علىّ (ع) ، وقيل : نزلت قوله : وإذا جاؤك حيّوك (الى آخر الآية) في اليهود فانّهم كانوا يأتون النّبىّ (ص) فيقولون : السّام عليك ، والسّام الموت وهم يوهّمون انّهم يقولون : السّلام عليك وكان النّبىّ (ص) يردّ عليهم بقوله : وعليكم فان كان النّزول فيهم فالمقصود منها المنافقون كما ذكرنا وأشار الصّادق (ع) في الحديث السّابق (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بعد ما ذمّ النّجوى مطلقا وذمّ المتناجين بالإثم والعدوان ومعصية الرّسول (ص) نادى المؤمنين ونهاهم عن النّجوى بما فيه قوّة القوى الثّلاث ، فانّ الإنسان إذا اجتمع مع غيره قوى فيه الشّأن الّذى هو عليه فنهاهم عن ذلك حتّى يتنبّهوا ، وإذا كانوا على تلك الشّؤن ارتدعوا عنها فقال (إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) يعنى راقبوا أحوالكم فان تروا قوّة الميل منكم الى ذلك فاعلموا انّكم بعد في شأن البهيمة أو السّبع أو الشّيطان فعالجوا أنفسكم بدفع تلك القوّة عنكم (وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ) الّذى هو لازم قوّتكم العاقلة (وَالتَّقْوى) من القوى الثّلاث يعنى قوّوا بالاجتماع قوّتكم العاقلة وضعّفوا قواكم الثّلاث (وَاتَّقُوا اللهَ) اى سخط الله في تقوية القوى الثّلاث (الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) توصيف للتّعليل (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ) اى مطلق التّناجى بان حكم على الجنس بحكم أكثر الإفراد واللّام للتّعريف يعنى النّجوى المذكورة وهي النّجوى بالإثم والعدوان ومعصية الرّسول (ص) ، أو هي نجوى فاطمة سلام الله عليها ورؤياها كما سنذكر في نزول الآية ان شاء الله (لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ) اى الشّيطان أو التّناجى (بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) ولا يحزنوا بنجوى المنافقين ، أو بنجوى اليهود ، أو بالأحلام والرّؤيا الّتى يرونها ويحزنون بها ، وقد مضى في سورة البقرة عند قوله تعالى (وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) ما يبيّن به عدم إضرار الشّيطان الّا بإذن الله ، وفسّر النّجوى هاهنا بالرّؤيا الكريهة روى عن النّبىّ (ص) انّه قال : إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فانّ ذلك يحزنه ، وعن الصّادق (ع) انّه كان سبب نزول هذه الآية انّ فاطمة (ع) رأت في منامها انّ رسول الله (ص) همّ ان يخرج هو وفاطمة (ع) وعلىّ (ع) والحسن (ع) والحسين (ع) من المدينة فخرجوا حتّى جازوا من حيطان المدينة فعرض لهم طريقان ، فأخذ رسول الله (ص) ذات اليمين حتّى انتهى الى موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله (ص) شاة درّاء وهي الّتى في احدى أذنيها نقط بيض فامر بذبحها ، فلمّا أكلوا ماتوا في مكانهم ، فانتبهت فاطمة (ع) باكية ذعرة فلم تخبر رسول الله (ص) بذلك فلمّا أصبحت جاء رسول الله (ص) بحمار فاركب عليه فاطمة (ع) وامر ان يخرج أمير المؤمنين (ع) والحسن (ع) والحسين (ع) من المدينة كما رأت فاطمة (ع) في نومها ، فلمّا خرجوا من حيطان المدينة عرض لهم طريقان فأخذ رسول الله (ص) ذات اليمين كما رأت فاطمة (ع) حتّى انتهوا الى موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله (ص) شاة درّاء كما رأت فاطمة (ع) فأمر بذبحها فذبحت وشويت ، فلمّا أرادوا أكلها قامت فاطمة (ع) وتنحّت ناحية منهم تبكي مخافة ان يموتوا ، فطلبها رسول الله (ص) حتّى وقع عليها وهي تبكي فقال : ما شأنك يا بنيّة؟ ـ قالت : يا رسول الله (ص) رأيت البارحة كذا وكذا في نومى وقد فعلت أنت كما رأيته فتنحيّت عنكم لئلّا أراكم تموتون فقام رسول الله (ص) فصلّى ركعتين ثمّ ناجى ربّه فنزل عليه جبرئيل فقال : يا محمّد (ص) هذا شيطان يقال له الزّها وهو الّذى ارى فاطمة (ع)