على الاستمرار في كلّ آن جمعا بنفخ الحيوة الحيوانيّة في الاجنّة (وَيُمِيتُ) على الاستمرار جمعا من الحيوة الحيوانيّة ، أو يحيى على الاستمرار نفوسا بالحيوة الانسانيّة بنفخ النّفخة الولويّة فيهم ويميت نفوسا عن الحيوة الانسانيّة ، أو يحيى بالحيوة البرزخيّة ويميت عن الحيوة الحيوانيّة ، أو يحيى الأراضي بالنّبات ، والنّبات بالماء والنّضارة والطّراوة والحيوان بالحيوة الحيوانيّة ، والإنسان بالحيوة الانسانيّة ، ويميت كلّ ذلك بالموت المناسب له ، أو يحيى كلّ شيء بإخراجه من القوى والاستعدادات على الاستمرار ويميت ذلك الشّيء عن الفعليّات النّاقصة ، وهذا أوفق بتسبيح الأشياء كأنّه قال : سبّح لله ما في السّموات وما في الأرض بالخروج من القوى الى الفعليّات ، والمخرج هو الله لانّه يحيى بالفعليّات ويميت عن النّقائص (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من الاماتة والأحياء وغير ذلك (قَدِيرٌ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) اى هو الاوّل في تركيب الموجودات وهو الآخر في تحليلها نظير الوحدة في الاعداد وللاشارة الى هذا ورد : يا من لك وحدانيّة العدد ، فانّ مراتب الاعداد كلّها تركيبها من الوحدة لا غير ، وتحليلها الى الوحدة لا غير ، وبهذا اللّحاظ قال تعالى (وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) فانّ مراتب الاعداد ظواهرها وبواطنها ليست الّا الوحدة وما به التّميّز بين المراتب ليس الّا اعتباريّا عدميّا ، أو المعنى هو الاوّل بلحاظ المراتب واعتبار حيثيّة العلّيّة والمعلوليّة فانّه تعالى بهذا اللّحاظ اوّل العلل الفاعليّة وآخر العلل الغائيّة لانّه مسبّب الأسباب وعلّة العلل وغاية الغايات ونهاية النّهايات ، أو المعنى هو الاوّل في الإدراك فانّ الظّاهر على المدارك اوّلا هو الوجود الّذى حقيقة الحقّ الاوّل تعالى والآخر في الإدراك بمعنى انّ المدرك كلّما ميّز مدركاته بعض اجزائها من بعض لم يجد المدرك في الحقيقة الّا الاوّل تعالى شأنه فكان آخر المدركات هو الاوّل تعالى وبهذا المعنى قال تعالى والظّاهر والباطن يعنى انّ المدرك من الأشياء اوّلا هو الاوّل تعالى لانّه الظّاهر من كلّ الأشياء ، والمدرك من الأشياء آخرا هو أيضا لانّه الباطن من كلّ شيء ، والباطن المختفى من الإدراك المدرك بالتّعمّل من الأشياء ، أو هو اشارة الى ما يقوله الصّوفيّة من مقام التّوحيد الّذى يظهر لبعض السّالكين بطريق الحال ، ولبعض بنحو المقام ، ولا يجوز التّفوّه به لأحد ما لم يصر ذلك التّوحيد حالا أو مقاما له ، وإذا صار حالا للسّالك لا يجوز التّفوّه به له حين زواله ، وإذا لم يكن ذلك التّوحيد حاله أو مقامه فتفوّه به كان مباح ـ الدّم وهو ان يتجلّى الله للسّالك باسم الواحد أو الأحد فلا يرى في الوجود الّا الواحد أو الأحد فلا يرى اوّلا ولا آخرا ولا علّة ولا معلولا ولا ظاهرا ولا باطنا ولا صاعدا ولا نازلا ولا مدركا ولا مدركا بل يرى كلّ ذلك اعتبارات من النّفوس المحجوبة عدميّات لا حقّيّة ولا حقيقة لها فيكون المعنى هو الاوّل من غير اعتبار اوّليّة له ، وهو الآخر من غير اعتبار آخريّة له ، وهو الظّاهر والباطن كذلك يعنى ليس شيء وشيء ولا اعتبار واعتبار في دار الوجود ، والى هذا المقام كانت الاشارة في هذا الشّعر :
حلول واتحاد اينجا محال است |
|
كه در وحدت دوئى عين ضلال است |
وكلّما ذكروا نثرا ونظما من هذه المقولة كان اشارة الى هذا المقام أو ناشئا منه ، والى عدم جواز التّفوّه بهذا الوحدة وعدم جواز اعتبارها لغير من كانت حاله أو مقامه قيل :
الا تا با خودى زنهار زنهار |
|
عبارات شريعت را نگهدار |
(وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) بمنزلة قوله تعالى : وهو (بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) فانّ علمه عين ذاته ولإحاطته بكلّ الأشياء كان اوّلا وآخرا وظاهرا وباطنا من الجميع (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) هذه الجمل كلّها مستأنفة واجوبة لأسئلة مقدّرة إذا لم تكن مع العاطف أو حاليّة (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) قد مضى