المنافقين أو المشركين (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) بمسلّط عليهم بالإجبار لهم انّما أنت منذر مذكّر (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ) اى بمطلق القرآن ، أو بقرآن ولاية علىّ (ع) (مَنْ يَخافُ وَعِيدِ).
سورة الذّاريات
مكّيّة ، ستّون آية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالذَّارِياتِ ذَرْواً) ذرت الرّياح التّراب والهشيم وأذرت وذرّت بالتّشديد اطارته ، والمراد الرّياح أو النّساء الّتى تذرو الأولاد ، أو الأسباب الّتى تذرو الخلائق من الملائكة وغيرهم (فَالْحامِلاتِ وِقْراً) اى السّحب الحاملات للامطار ، أو الرّياح الحاملات للسّحاب ، أو النّساء الحوامل ، وقرئ وقرا بفتح الواو مصدرا ، والوقر بالكسر الحمل الثّقيل (فَالْجارِياتِ يُسْراً) السّفن الجاريات في البحار بسهولة ، أو الرّياح الجاريات في مهابّها ، أو الكواكب الجاريات في مناطقها (فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً) اى الملائكة الّذين يقسّمون الأرزاق والأمطار وغيرها ، أو الرّياح الّتى تقسّم الأمطار والسّحب ، أو جميع ما يقسّم شيئا من الملائكة والرّياح والأنبياء والأولياء (ع) وهذا قسم من الله فان كان هذه أوصافا لذوات متعدّدة فلفظ الفاء فيها لتفاوت المقسم به في الشّرف والخسّة وفي الدّلالة على قدرة الرّبّ وعنايته بخلقه ، وان كانت أوصافا لذات واحدة فالفاء للتّرتيب بين الأفعال فانّ الرّيح تفرّق وتحرّك الا بخرة في الجوّ فتنعقد في الجوّ سحابا فتحمله الى حيث يأمرها الله فتجرى به بسهولة فتقسّمه على البلاد والبراري والبحار (إِنَّما تُوعَدُونَ) من الثّواب والعقاب والحشر والحساب (لَصادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ) اى الجزاء (لَواقِعٌ) أو اللّام لتعريف العهد الذّهنىّ والمعنى انّ هذا الدّين الّذى يدّعيه لواقع يعنى حقّ وصدق (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) اى ذات الطّرائق من مسير الكواكب أو ذات الحسن والزّينة كما ورد عن أمير المؤمنين (ع) فانّ الكواكب وطرائقها تزيّن السّماء كما يزيّن الموشىّ الثّوب الوشىّ بالطّرايق ، أو المراد بالطّرائق الادلّة الّتى يأخذها النّظّار منها الّتى يستدلّون بها على صانعها وعلمه وقدرته وإرادته وحكمته.
حديث في كيفيّة وضع الأرض وطبقات السّماوات
وعن الحسين بن خالد عن ابى الحسن الرّضا (ع) قال قلت له : أخبرني عن قول الله تعالى (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ ،) فقال : محبوكة الى الأرض وشبّك بين أصابعه ، فقلت : كيف تكون محبوكة الى الأرض؟ ـ والله تعالى يقول رفع السماء بغير عمد ، فقال : سبحان الله! أليس يقول (بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها)؟ ـ قلت : بلى ، قال : فثمّ عمد ولكن لا ترى ، فقلت : فكيف ذلك؟ ـ جعلني الله فداك ، قال : فبسط كفّه اليسرى ثمّ وضع اليمنى عليها ، فقال : هذه ارض الدّنيا والسّماء الدّنيا فوقها قبّة ، والأرض الثّانية فوق السّماء الدّنيا ، والسّماء الثّانية فوقها قبّة ، والأرض الثّالثة فوق السّماء الثّانية والسّماء الثّالثة فوقها قبّة ، ثمّ هكذا الى الأرض السّابعة فوق السّماء السّادسة والسّماء السّابعة فوقها قبّة ، وعرش الرّحمن فوق السّماء السّابعة وهو قوله : (خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ) ، وصاحب الأمر هو النّبىّ (ص) والوصىّ علىّ (ع) بعده ، وهو على وجه الأرض