« حتى » كالصريحة في القتل عمداً.
ولئن سلّمنا فمثل هذا الضرب ممّا يقتل غالباً ، بل قطعاً ، فيكون قتلاً عمداً ، ولو لم يكن للقتل قاصداً ، كما مضى.
وخلوّ الروايات البيانية عن ذلك غايته الظهور في نفيه ، وهو لا يعارض الروايات الصريحة بإثباته ، بل هي بالنسبة إليها كالعام بالنسبة إلى الخاصّ مقدّم عليه قطعاً ، والتكافؤ المشترط في التقدّم حاصل بما عرفت من فتوى الأصحاب بمضمونها ، كما هو الحال في سائر المواضع.
وإليه أشار الشهيد في النكت ، فقال : إنّ المذهب قد يعرف بخبر الواحد الضعيف ؛ لاشتماله على القرائن ، كما يعرف مذاهب الطوائف ، وقد نبّه الشيخ المحقّق على هذا في المعتبر ، وبالجملة : العمدة فتوى مشاهير الأصحاب (١) ، إلى آخر ما قال.
ولنعم ما قال ، وإن لم يرتضه كثير من الأبدال ؛ لوجوه مدخولة بيّنتها مع صحة ما ذكره في رسالة مفردة في الإجماع ، هذا.
مع أنّ المعتبرة المستفيضة المتقدمة المتضمنة للصحاح والموثقات وغيرها ، الدالّة على عدم قتل الحرّ بالعبد ، وأنّه يلزم الجاني بالقيمة ويعزّر ، مطلقة لا تنصيص في شيء منها بكون الجاني مولى المجني عليه أم غيره ، فينسحب الحكم فيها بتغريمه القيمة إلى هنا أيضاً ، غاية الأمر سكوتها عن مصرفها ، وحيث ثبتت القيمة بإطلاقها هنا كان مصرفها الفقراء إجماعاً.
وليت شعري كيف غفل الأصحاب عن هذه الروايات فلم يستدلّوا بها مع وضوح دلالتها على الحكم هنا بمعونة ما ذكرنا ، وأظنّ الاستدلال بها من خصائص الكتاب ، والحمد لله تعالى.
ولعلّ الوجه في عدم استدلالهم بها تخيّل اختصاصها بحكم التبادر
__________________
(١) غاية المراد ٤ : ٣٦٦.