وهو حسن ، لولا الشهرة الجابرة لضعف النصوص ، وضعف الخبر الأخير ، وشذوذ ما دلّ عليه من القطع بالدرهمين ، مع عدم وضوح شاهد على الجمع غير مراعاة القاعدة ، وتخصيصها بها بعد ما عرفت من اعتبارها غير مستنكر ، كما خُصِّص بمثلها قاعدة حرمة التصرّف في الثمرة للغير بالأكل ولو بشرائطه المقرّرة. ولا بُعد في كون ما نحن فيه من ذلك القبيل ، إلاّ أن يتأمّل في دلالة النصوص بعدم صراحتها في عدم القطع في محلّ النزاع بقوّة احتمال اختصاصها بصورة عدم الإحراز ، كما هو الغالب ، وإليه أشار شيخنا في الروضة ، وبه استحسن التقييد (١).
( وكذا لا يقطع في سرقة مأكول عام ) سَنَة أي ( مجاعة ) سواء كان مأكولاً بالفعل أو بالقوّة ، بلا خلاف ظاهر ومحكيّ في بعض العبائر (٢) ، ونسب إلى روايات الأصحاب في الغنية والسرائر (٣).
فمنها القويّ : « لا يقطع السارق في عام سنة » يعني : مجاعة (٤). ونحوه آخر (٥).
وإطلاقهما وإن شمل سرقة المأكول وغيره إلاّ أنّه مقيّد بالأول بالاتّفاق على الظاهر وظاهر الخبر : « لا يقطع السارق في سنة المجاعة في شيء ممّا يؤكل ، مثل : الخبز واللحم وأشباه ذلك » (٦).
__________________
(١) الروضة ٩ : ٢٥٠.
(٢) المفاتيح ٢ : ٩٤.
(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢٤ ، السرائر ٣ : ٤٩٥.
(٤) الكافي ٧ : ٢٣١ / ٢ ، التهذيب ١٠ : ١١٢ / ٤٤٢ ، الوسائل ٢٨ : ٢٩١ أبواب حدّ السرقة ب ٢٥ ح ٢.
(٥) دعائم الإسلام ٢ : ٤٧٣ / ١٦٩٣ ، مستدرك الوسائل ١٨ : ١٤١ أبواب حدّ السرقة ب ٢٤ ح ١.
(٦) الكافي ٧ : ٢٣١ / ١ ، الفقيه ٤ : ٥٢ / ١٨٨ ، التهذيب ١٠ : ١١٢ / ٤٤٣ ، الوسائل ٢٨ : ٢٩٠ أبواب حدّ السرقة ب ٢٥ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.