( قال الشيخان ) والقاضي والديلمي وابن حمزة (١) : ( نعم ) له ذلك كذلك ، نظراً إلى كونه مفوِّتاً لمعظم منافعه فصار كالتالف ، وضعفه ظاهر ؛ لأنّ فوات معظمها لا يقتضي دفع ماليته رأساً حتى يلزم بالقيمة بتمامها.
( والأشبه ) الأشهر ، بل لعلّه عليه عامّة من تأخّر وفاقاً للمبسوط والحلّي (٢) أنّه ( لا ) يجوز له ذلك ( لأنّه إتلاف لبعض منافعه ) لا جميعها ( فيضمن ) عوض ( التالف ) خاصّة ؛ لأصالة براءة ذمّة الجاني عمّا زاد عنه ؛ ولأنّه باقٍ على ملك مالكه فلا ينتقل عنه إلاّ بالتراضي من الجانبين ، ولا كلام في الجواز معه ، كما لا كلام في جوازه لو فرض عدم القيمة له أصلاً ، كذبحه في برية لا يرغب أحد في شرائه ، فيلزمه القيمة ؛ لأنّها حينئذٍ مقدار النقص.
( ولو أتلفه لا بالذكاة ) كأن خنقه أو قتله بما لا يجوز الذكاة به ( لزمته قيمته يوم إتلافه ) بلا خلاف ، بل عليه في ظاهر الغنية وصريح الإيضاح الإجماع (٣) ؛ للضرر الغير المندفع مع عدم العفو إلاّ بها.
ويوضع منا ما له قيمة من الميتة كالشعر ، والصوف ، والوبر ، والريش ، ونحو ذلك ، كما صرّح به جماعة (٤) من غير خلاف بينهم أجده ، ووجهه واضح لمن تدبّره ، وعليه ينزل إطلاق العبارة.
( ولو قطع بعض جوارحه أو كسر شيئاً من عظامه ) أو جرحه
__________________
(١) المقنعة : ٧٦٩ ، النهاية : ٧٨٠ ، المهذّب ٢ : ٥١٢ ، المراسم : ٢٤٢ ، الوسيلة : ٢٤٨.
(٢) المبسوط ٨ : ٣٠ ، السرائر ٣ : ٤٢٠.
(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢٠ ، الإيضاح ٤ : ٧٢٩.
(٤) منهم الشهيدين في اللمعة والروضة البهية ١٠ : ٣٢١ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٢٣.