وكيف كان ، يستفاد من النصوص مضافاً إلى الإجماع أنّه لا يجوز اشتراط غير السائع ممّا منعت عنه الكتاب والسنّة ، كأن يحرّم حلالاً أو بالعكس ، كما أفصحت عنه الرواية الأخيرة.
ولكن فيه إجمال فلا يدري هل المراد بالحلال والحرام ما هو كذلك بأصل الشرع من دون توسّط العقد ، أو ما يعمّ ذلك؟
ولكن الذي يقتضيه النظر من تتبّع الفتاوي والنصّ هو الأوّل ؛ لاتّفاقهم على صحّة شرائط خاصة تكون منافيات لمقتضى العقد ، كاشتراط عدم الانتفاع مدّة معينة ، وسقوط خيار المجلس والحيوان وما شاكله ، ولا ريب أنّ قبل الشرط بمقتضى العقد يحلّ الانتفاع مطلقاً والردّ في زمان الخيار ، ويحرم بعده جدّاً ، فقد حرّمت الشروط ما كان حلالاً بتوسّط العقد.
وللنصوص الآتية (١) في بيع الأمة بشرط عدم البيع والهبة ، المجوّزة لذلك ، المستلزمة لحرمتها بعد الشرط ، مع أنّهما حلال بواسطة العقد قبله ، وفي استثناء اشتراط نفي الميراث من الجواز فيها إشعار بما ذكرنا (٢).
وحينئذٍ فالضابط في الشروط التي لم تحرّم الحلال بأصل الشرع وبالعكس هو الجواز ، إلاّ أن يمنع عنه مانع من نصّ أو إجماع.
( و ) يتفرّع على اشتراط الدخول تحت القدرة أنّه ( لا يجوز اشتراط غير المقدور ، كبيع الزرع على أن يصيّره سنبلاً ) والدابّة على أن
__________________
(١) في ص : ٣٩١٤.
(٢) وإن كان يتوهّم منه خلافه ، من حيث إن الإرث المستثنى من الجواز اشتراط نفيه شيء يحلّ بنفس العقد لا بأصل الشرع ، وذلك لمنع إباحته بنفس العقد ، بل إنما هو بالولاء المسبّب عن العقد ، ولا دخل للعقد فيه إلاّ بالسببية البعيدة ، فيصدق معها كون إباحة الإرث بأصل الشريعة لا بأصل المبايعة ؛ إذ الظاهر من الإباحة بأصلها حصولها منها من دون واسطة. ( منه رحمهالله ).