فإنّ « لا أُحبّ » كالصريح في الكراهة ، وأظهر دلالةً عليها مِن « ليس له » على التحريم في الأخبار السابقة ، مع أنه صريح في جواز الخروج بعد الإحرام قبل قضاء الحج.
ونحوه في ذلك صحيحان آخران ، في أحدهما : رجل قضى متعته وعرضت له حاجة أراد أن يمضي إليها ، قال : « فليغتسل وليهلّ بالإحرام بالحج وليمض في حاجته في حاجته ، فإن لم يقدر على الرجوع إلى مكة مضى إلى عرفات » (١).
وفي الثاني : « من دخل مكة متمتعاً في أشهر الحج لم يكن له أن يخرج حتى يقضي الحج ، فإن عرضت له حاجة إلى عسفان أو إلى الطائف أو إلى ذات عرق خرج محرماً ودخل ملبّياً ، فلا يزال على إحرامه ، فإن رجع إلى مكة رجع محرماً ولم يقرب البيت حتى يخرج مع الناس إلى منى » الخبر (٢).
وتلك الصحاح ظاهرة في المنع إلى أن يقضي الحج ويكمّله ، ومقتضاه عدم الاكتفاء بالخروج محرماً ، فيصرف ظاهرها إلى صريح هذه ، إلاّ أن يجمع بينهما بحمل القضاء في الصحاح على ما يعمّ الدخول في الإحرام ، كما في الخبرين بعدها ، لكنّهما قاصراً السند ، ومع ذلك فيتعيّن تقييد إطلاقهما بحال الضرورة كما فصّلته الصحيحة الأخيرة ، وحمل القضاء في الصحاح على ذلك في غاية البُعد.
بل الأظهر في الجمع بينهما أن يبقى القضاء فيها على حاله ، ويقيد إطلاقها بصورة الاختيار ، ويحمل الاكتفاء بالإحرام في هذه الصحاح على حال الضرورة وحصول الحاجة ، كما هو مورد أكثرها ، والمطلق منها يقبل
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤٤٣ / ٤ ، التهذيب ٥ : ١٦٤ / ٥٤٨ ، الوسائل ١١ : ٣٠٢ أبواب أقسام الحج ب ٢٢ ح ٤.
(٢) الكافي ٤ : ٤٤١ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٦٣ / ٥٤٦ ، الوسائل ١١ : ٣٠٢ أبواب أقسام الحج ب ٢٢ ح ٦.