وربما استدلّ على القول الأوّل زيادةً على الرواية به ، وبالموثّق : في رجل ماله عنه غائب لا يقدر على أخذه ، قال : « فلا زكاة عليه حتى يخرج ، فإذا خرج زكاه لعامٍ واحد ، فإن كان يَدَعه متعمّداً وهو يقدر على أخذه فعليه الزكاة لكلّ ما مرّ به من السنين » (١) وبالصحيح المتقدم المثبت للزكاة في الدين على الإطلاق.
وهو ضعيف ؛ لضعف الرواية بما عرفته ، والرضوي بقصور الدلالة بقوة احتمال اختصاصه بالمال الغائب كما فرض في صدره ، والأصل في الاستثناء يقتضي تعلّق ما بعده بما قبله ، وحينئذٍ فنحن نقول بحكمه ، وهو الوجوب في المال الغائب مع القدرة على أخذه ، وصرّح به الحلّي والعماني (٢) وغيرهما (٣) ، بل لا خلاف فيه. وهو غير جارٍ فيما نحن فيه من الدين ، فإنّه أمر كلي ولا يتشخّص ملكاً للمُدين إلاّ بقبضه ، ولا زكاة إلاّ في الشخصي ، ولا كذلك المال الغائب ، فإنّه مملوك شخصي ، وغاية الأمر أنّه ممنوع من التصرف فيه ، فإذا ارتفع المنع وجبت الزكاة.
ومنه ظهر دليل آخر على عدم الوجوب في الدين ، ومحصّله أنّه غير مملوك للمُدين فعلاً إلاّ بعد قبضه له ، ولا زكاة إلاّ في الملك اتّفاقاً فتوًى وروايةً ، وبه استدلّ أيضاً جماعة (٤). وهو في غاية المتانة ، ومنه يظهر الجواب عن الموثّقة فإنّها في المال الغائب واردة ، لا في مفروض المسألة ،
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٣١ / ٧٧ ، الإستبصار ٢ : ٢٨ / ٨١ ، الوسائل ٩ : ٩٥ أبواب من تجب عليه الزكاة ب ٥ ح ٧.
(٢) الحلّي في السرائر ١ : ٤٤٣ ، وحكاه عن العماني في المختلف : ١٧٤.
(٣) كالشيخ في الخلف ٢ : ١١١ ، وصاحب المدارك ٥ : ٣٥.
(٤) منهم : المفيد في المقنعة : ٢٣٩ ، والعلاّمة في المختلف : ١٧٤ ، والفاضل المقداد في التنقيح الرائع ١ : ٢٩٩.