أخذوا فيما أرادوا ، سمعوا] (١) هذه الآية. فقال بعضهم لبعض : هذا كلام لا يشبه كلام المخلوقين (٢). وتركوا ما أخذوا فيه ، وافترقوا.
وفي كتاب الخصال (٣) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ نوحا لمّا كان أيّام الطّوفان ، دعا مياه الأرض فأجابته ٢ إلّا الماء المرّ و [ماء] (٤) الكبريت.
(وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ) : وأراد نداءه ، بدليل عطف قوله : (فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) : فإنّه النّداء.
(وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُ) ، أي : كلّ وعد تعده حقّ ، لا يتطرّق إليه الخلف. وقد وعدت أن تنجّي أهلي ، فما حاله أو فما له لم ينج؟
ويجوز أن يكون هذا النّداء قبل غرقه.
(وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ) (٤٥) : لأنّك أعلمهم وأعدلهم ، أو لأنّك أكثر حكمة من ذوي الحكم. على أنّ الحاكم من الحكمة ، كالدّارع من الدّرع.
(قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) : لقطع الولاية بين المؤمن والكافر. وأشار إليه بقوله : (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) : فإنّه تعليل لنفي كونه من أهله. وأصله : أنّه ذو عمل فاسد. فجعل ذاته ذات العمل ، للمبالغة ، كقول الخنساء تصف ناقة :
ترتاع ما رتعت (٥) حتّى إذا ادّكرت |
|
فإنّما هي إقبال وإدبار |
ثمّ بدّل الفاسد بغير الصّالح ، تصريحا بالمناقضة بين وصفيهما ، وانتفاء ما أوجب النّجاة لمن نجا من أهله.
وقرأ (٦) الكسائيّ ويعقوب : «إنّه عمل» ، أي : عمل عملا غير صالح.
وفي كتاب الاحتجاج (٧) للطّبرسيّ : روي عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عن الحسين بن عليّ ـ عليهم السّلام ـ قال : إنّ يهوديّا من يهود الشّام وأحبارهم قال
__________________
(١) ليس في ب.
(٢) المصدر : هذا كلام لا يشبهه شيء من الكلام ولا يشبه كلام المخلوقين.
(٣) الخصال / ٥٢ ، ح ٦٧.
(٤) من المصدر. ويوجد المعقوفتان فيه أيضا.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٤٧٠ : «ترتع ما غفلت» بدل «ترتاع ما رتعت».
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٤٧٠.
(٧) الاحتجاج ١ / ٣١٤.