تقدّم من ذنبه إن تاب من الشّرك فيما بقي من عمره. وإن لم يتب ، وفّاه أجره ولم يحرمه أجر هذا الموقف. وذلك قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ ، أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
(أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) : برهان من الله يدلّه على الحقّ والثّواب فيما يأتيه ويذره.
و «الهمزة» لإنكار أن يعقب ما هذا شأنه هؤلاء المقصّرين هممهم وأفكارهم على الدّنيا ، وأن يقارب بينهم في المنزلة. وهو الّذي أغنى عن ذكر الخبر ، وتقديره : أفمن كان على بيّنة ، كمن كان يريد الدّنيا.
(وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ) : من الله يشهد له.
(مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى) ، يعني : التّوراة.
و (مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى) جملة مبتدأة.
وقرئ : «كتاب» بالنّصب ، عطفا على الضّمير في «يتلوه» ، أي : يتلو القرآن شاهد من كان على بيّنة دالّة على أنّه حقّ ، كقوله ـ تعالى ـ : (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ).
ويقرأ : «من قبل القرآن التّوراة».
(إِماماً) : كتابا مؤتمّا به في الدّين.
(وَرَحْمَةً) : على المنزّل عليهم ، لأنّه الوصلة إلى الفوز بخير الدّارين.
وفي أصول الكافي (١) : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ ، عن أحمد بن عمر الحلّال قال : سألت أبا الحسن ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ).
فقال : أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ الشّاهد على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ على بيّنة من ربّه.
وفي مجمع البيان (٢) : عن الباقر والرّضا ـ عليهما السّلام ـ : أنّ الشّاهد منه عليّ بن
__________________
(٩) ليس في المصدر.
(١) الكافي ١ / ١٩٠ ، ح ٣.
(٢) المجمع ٣ / ١٥٠ ببعض التصرّف.