الرّضا ـ عليه السّلام ـ :
قال السّجّان ليوسف : إنّي لأحبّك. فقال يوسف ـ عليه السّلام ـ : ما أصابني إلّا من الحبّ. إن كانت خالتي (١) أحبّتني ، فسرقتني. وإن كان أبي أحبّني ، فحسدوني إخوتي. وإن كانت امرأة العزيز أحبّتني ، فحبستني.
قال : وشكا [يوسف] (٢) في السّجن إلى الله ، فقال : يا ربّ ، بما (٣) استحققت السّجن؟ فأوحى الله إليه : أنت اخترته حين قلت : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ). هلّا قلت : العافية أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه!؟
وفيه (٤) : فما أمسى يوسف في ذلك البيت ، حتّى بعثت إليه كلّ امرأة رأته تدعوه إلى نفسها. فضجر يوسف ـ عليه السّلام ـ [في ذلك البيت] (٥) فقال : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُ) (الآية).
(وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي) : وإن لم تصرف عنّي (كَيْدَهُنَ) في تحبيب ذلك إليّ وتحسينه عندي ، بالتّثبيت على العصمة ، (أَصْبُ إِلَيْهِنَ) : أمل إلى إجابتهنّ ، أو إلى أنفسهنّ بطبعي ومقتضى شهوتي.
والصّبوة : الميل إلى الهوى. ومنه : الصّبا ، لأن النّفوس تستطيبها ، وتميل إليها.
وقرئ (٦) : «أصب». من الصّبابة ، وهي : الشّوق.
(وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ) (٣٣) : من السّفهاء بارتكاب ما يدعونني إليه ، فإنّ الحكيم لا يفعل القبيح. أو : من الّذين لا يعملون بما يعلمون ، فإنّهم والجهّال سواء.
(فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ) : فأجابه الله دعاءه الّذي تضمنّه قوله : (وَإِلَّا تَصْرِفْ).
(فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَ) : فثبّته بالعصمة ، حتّى وطّن نفسه على مشقّة السّجن ، وآثرها على اللّذّة المتضمّنة للعصيان (٧).
(إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لدعاء الملتجئين إليه (الْعَلِيمُ) (٣٤) بأحوالهم وما يصلحهم.
__________________
(١) بعض نسخ المصدر : عمّتي.
(٢) من المصدر.
(٣) المصدر : بماذا.
(٤) تفسير القميّ ١ / ٣٤٣.
(٥) ليس في المصدر.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٤٩٥.
(٧) ب : للمعصية.