فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إليه : إنّما أنت عبد مأمور ، فأبلغه ذلك ، والله لا يسأل عمّا يفعل.
(وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) : وكيفما دارت الحال أريناك بعض ما أوعدناهم ، أو توفيناك قبله.
(فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) : لا غير.
(وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) (٤٠) : للمجازاة لا عليك ، فلا تحتفل بإعراضهم ولا تستعجل بعذابهم فإنّا فاعلون له ، وهذا طلائعه (١).
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ) :
قيل (٢) : أي : أرض الكفرة.
(نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) : بذهاب أهلها.
وقيل (٣) : بما نفتحه على المسلمين.
وفي أصول الكافي (٤) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد [عن محمد] (٥) بن عليّ ، عمّن ذكره ، عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : كان عليّ بن الحسين ـ عليه السّلام ـ يقول : إنّه يسخى نفسي (٦) في سرعة الموت والقتل فينا قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها). وهو ذهاب العلماء.
وفي من لا يحضره الفقيه (٧) : وسئل عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها).
فقال : فقد العلماء.
وفي كتاب الاحتجاج (٨) للطّبرسيّ : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : وقال : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) ، يعني
__________________
(١) أي : الإخبار بأنّ «علينا الحساب» طليعة العذاب ، اي : مقدّمته ، إذ هو مخبر عنه.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٣.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٣.
(٤) الكافي ١ / ٣٨ ، ح ٦.
(٥) من المصدر.
(٦) قال الفيض : يعني : مفاد هذه الاية : يجعل نفسي سخيّة في سرعة الموت أو القتل فينا ، أهل البيت ، فتجود نفسي بهذه الحياة اشتياقا إلى لقاء الله ـ تعالى ـ.
(٧) الفقيه ١ / ١١٨ ، ح ٥٦٠.
(٨) الاحتجاج / ٢٥٠.