(وَاصْبِرْ) على الطّاعات وعن المعاصي.
(فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (١١٥) :
عدل عن المضمر ، لأنّه كالبرهان على المقصود ، ودليل على أنّ الصّلاة والصبر إحسان وإيماء بأنّه لا يعتدّ بهما دون إخلاص.
(فَلَوْ لا كانَ) : فهلا كان (مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ) :
المراد : أولو بقيّة من الرّأي والعقل. أو : أولو فضل. وإنّما سمّي «بقيّة» لأنّ الرّجل يستبقي أفضل ما يخرجه. ومنه يقال : فلان من (١) بقيّة القوم ، أي : من خيارهم. وقولهم : في الزّوايا خبايا ، وفي الرّجال بقايا.
ويجوز أن يكون مصدرا ، كالتّقيّة. أي : ذوو إبقاء على أنفسهم وصيانة لها من العذاب. ويؤيّده أنّه قرئ (٢) : «بقية» وهي المرّة مصدر بقاه يبقه إذا راقبه.
(إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ) : لكن قليلا ممّن أنجيناهم ، لأنّهم كانوا كذلك.
ولا يصحّ اتّصاله إلّا إذا جعل استثناء من النّفي اللّازم للتّحضيض. والمعنى : ليس من القرون من قبلهم أولو بقيّة ينهون عن الفساد إلّا قليلا ـ إلى آخره.
(وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ) : ما أنعموا فيه من الشّهوات ، واهتمّوا بتحصيل أسبابها ، وأعرضوا عمّا وراء ذلك.
(وَكانُوا مُجْرِمِينَ) (١١٦) : كافرين.
كأنّه أراد أن يبيّن ما كان السّبب لاستئصال الأمم السّالفة. وهو فشوّ الظّلم فيهم ، واتّباعهم للهوى ، وترك النّهي عن المنكرات ، مع الكفر.
وقوله : «واتّبع» عطف على مضمر دلّ عليه الكلام ، إذ المعنى : فلم ينهوا عن الفساد واتّبع الّذين ظلموا. «وكانوا مجرمين» عطف على «اتّبع» أو اعتراض.
وقرئ (٣) : «أتبع» ، أي : وأتبعوا جزاء ما أترفوا. فيكون الواو للحال. ويجوز أن يفسّر به المشهورة. ويعضده تقدّم الإنجاء.
(وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ) :
__________________
(١) ليس في ب.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٤.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٥.