(بَلْ كَذَّبُوا) : بل سارعوا إلى التّكذيب.
(بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) : بالقرآن أوّل ما سمعوه قبل أن يتدبّروا آياته ويحيطوا بالعلم بشأنه. أو بما جهلوه ولم يحيطوا به علما ، من ذكر البعث والجزاء وسائر ما يخالف دينهم.
(وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) : ولم يعثروا بعد على تأويله ، ولم تبلغ أذهانهم معانيه. أو ولم يأتهم بعد تأويل ما فيه من الأخبار بالغيوب ، حتى يتبيّن لهم أنّه صدق أم كذب.
والمعنى أنّ القرآن معجز من جهة اللّفظ.
والمعنى : ثمّ أنّهم فاجئوا تكذيبه قبل أن يتدبّروا نظمه ويتفحّصوا معناه.
ومعنى التّوقّع في «لمّا» : أنّه ظهر لهم بالآخرة إعجازه ، لما كرّر عليهم التّحدّي.
فرازوا (١) قواهم في معارضته ، فتضاءلت دونها. أو لما شاهدوا وقوع ما أخبر به طبقا لإخباره مرارا ، فلم يقلعوا عن (٢) التّكذيب تمرّدا وعنادا.
وفي تفسير العيّاشي (٣) : عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل عن الأمور العظام الّتي تكون ممّا لم تكن.
فقال : لم يأن أوان كشفها بعد. وذلك قوله : (بَلْ كَذَّبُوا) (الآية).
عن حمران (٤) قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن الأمور العظام من الرّجعة وغيرها.
فقال : إنّ هذا الّذي تسألوني عنه لم يأت أوانه. قال الله : (بَلْ كَذَّبُوا) (الآية).
وفي أصول الكافي (٥) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي ، عمير عن يونس ، عن أبي يعقوب ، إسحاق بن عبد الله ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله خصّ عباده بآيتين من كتاب الله ، أن لا يقولوا حتّى يعلموا ، ولا يردّوا ما لم يعلموا. وقال ـ عزّ وجلّ ـ : (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ). وقال : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ). [قال كذب الّذين من قبلهم قال
__________________
(١) فرازوا : فجرّبوا واختبروا.
(٢) أ ، ب : فلم يقدموا على.
(٣) تفسير العياشي ٢ / ١٢٢ ، ح ١٩.
(٤) نفس المصدر والموضع ، ح ٢٠.
(٥) الكافي ١ / ٤٣ ، ح ٨.