عَنْ نَفْسِي).
ولا مزيد على شهادة الخصم بأنّ صاحبه على الحقّ ، وهو على الباطل.
(ذلِكَ لِيَعْلَمَ) :
قال يوسف لمّا عاد إليه الرّسول ، وأخبر بكلامهنّ. أي : ذلك التّثبّت ليعلم العزيز :
(أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) : بظهر الغيب.
وهو حال من الفاعل أو المفعول. أي : لم أخنه ، وأنا غائب عنه ، أو هو غائب عنّي. أو ظرف. أي : بمكان الغيب وراء الأستار والأبواب المغلقة.
(وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ) (٥٢) ، أي : لا ينفذه. أي : لا يهدي الخائنين بكيدهم. فأوقع الفعل على الكيد ، مبالغة.
وفيه تعريض بامرأة العزيز في خيانتها زوجها ، وتوكيد لأمانته.
ولذلك عقّبه بقوله : (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي) ـ أي : لا أنزّهها ـ تنبيها على أنّه لم يرد بذلك تزكية نفسه ، والعجب بحاله ، بل إظهار ما أنعم الله عليه من العصمة والتّوفيق.
(إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) :
من حيث إنّها بالطّبع مائلة إلى الشّهوات ، آمرة بها.
(إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي) : إلّا وقت رحمة ربّي. أو : إلّا ما رحمه الله من النّفوس ، فعصمه عن ذلك.
وقيل (١) : الاستثناء منقطع. أي : ولكن رحمة ربّي هي الّتي تصرف الإساءة.
وقيل (٢) : الآية حكاية قول امرأة العزيز ، والمستثنى نفس يوسف وأضرابه. أي : ذلك الّذي قلته ، ليعلم يوسف أنّي لم أكذب عليه في حال الغيب ، وصدقت فيما سئلت عنه. وما أبرئ مع ذلك من الخيانة ، فإنّي خنته حين قذفته وسجنته. تريد الاعتذار عمّا كان فيها.
وهذا التّفسير هو المستفاد من كلام عليّ بن إبراهيم (٣) ، حيث قال في قوله : (لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) : أي لا أكذب عليه الآن ، كما كذبت عليه من قبل.
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٩٩.
(٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) تفسير القميّ ١ / ٣٤٦.