وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : حدّثني أبي ، عن بعض رجاله ، رفعه قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : ألهم الله ـ عزّ وجلّ ـ يوسف أن قال للملك : سل هذا الصّبي في المهد ، فإنّه سيشهد أنّها راودتني عن نفسي. فقال العزيز للصّبيّ. فأنطق الله الصّبي في المهد ليوسف فقال :
(إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ) (٢٦) ، لأنّه يدلّ على أنّها قدّت قميصه من قدّامه بالدّفع عن نفسها ، أو أنّه أسرع خلفها ، فتعثّر بذيله ، فانقدّ جيبه.
(وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (٢٧) ، لأنّه يدلّ على أنّها تبعته ، فاجتذبت ثوبه ، فقدّته.
والشّرطيّة محكيّة على إرادة القول ، أو على أنّ فعل الشّهادة من القول ونحوه. ونظيره قولك : إن أحسنت إليّ ، فقد أحسنت إليك. فإنّ معناه : أن تمنن عليّ بإحسانك ، أمنن عليك بإحساني السّابق.
وقرئ (٢) : «من قبل» و «من دبر» بالضّمّ ـ لأنّهما قطعا عن الإضافة ، كقبل وبعد ـ وبالفتح ، كأنّهما جعلا علمين للجهتين ، فمنعا من الصّرف ، وبسكون العين.
وفي كتاب الخصال (٣) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : كان في قميص يوسف ثلاث آيات في قوله ـ تعالى ـ : (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ) وقوله ـ تعالى ـ : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ) (الآية). وقوله ـ تعالى ـ : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا) (الآية).
(فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ) : إنّ قولك : (ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً). أو : إنّ السّوء. أو : إنّ هذا الأمر (مِنْ كَيْدِكُنَ) : من حيلتكنّ.
والخطاب لها ولأمثالها. أو لسائر النّساء.
(إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) (٢٨) :
فإنّ كيد النّساء ألطف وأعلق بالقلب ، وأشدّ تأثيرا في النّفس. ولأنهن يواجهن به الرّجال ، والشّيطان يوسوس به مسارقة.
(يُوسُفُ) :
__________________
(١) تفسير القمّي ١ / ٣٤٢ ـ ٣٤٣.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٤٩٣.
(٣) الخصال ١ / ١١٨ ، ح ١٠٤.