وقرئ (١) : «من الحزن».
قيل (٢) : فيه دلالة على جواز التّأسّف والبكاء عند التّفجّع ، ولعلّ أمثال ذلك لا يدخل تحت التّكليف ، فإنّه قلّ من يملك نفسه عند الشّدائد. ولقد بكى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ على ولده إبراهيم ، وقال : القلب يحزن والعين تدمع ولا نقول ما يسخط الرّبّ ، وإنّا عليك يا إبراهيم لمحزونون.
(فَهُوَ كَظِيمٌ) (٨٤) : مملوء من الغيظ على أولاده ، ممسك له في قلبه لا يظهره.
فعيل ، بمعنى : مفعول ، كقوله ـ تعالى ـ : (وَهُوَ مَكْظُومٌ) (٣). من كظم السّقاء : إذا شدّه على ملئه. أو بمعنى : فاعل ، كقوله : (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ). من كظم الغيظ : إذا اجترعه. وأصله : كظم البعير جرّته : إذا ردّها في جوفه.
(قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) ، أي : لا تفتأ ولا تزال تذكره تفجّعا عليه ، فحذف «لا» ، كما في قوله :
فقلت يمين الله أبرح قاعدا
لأنّه لا يلتبس بالاثبات ، فإنّ القسم إذا لم يكن معه علامة الإثبات (٤) كان على النّفي.
(حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً) : مريضا مشفيا على الهلاك.
وقيل (٥) : «الحرض» الّذي أذابه همّ أو مرض ، وهو في الأصل مصدر ولذلك لا يؤنّث ولا يجمع. والنّعت بالكسر ، كدنِف ودنَف ، وقد قرئ به ، وبضّمتين ، كجنب.
(أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ) (٨٥) : من الميّتين.
في كتاب الخصال (٦) : عن أبي جعفر ، محمّد بن عليّ الباقر ـ عليهما السّلام ـ قال : كان عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ يصلّي في اليوم واللّيلة ألف ركعة.
... إلى أن قال : ولقد بكى على أبيه الحسين ـ صلوات الله عليه ـ عشرين سنة ، ما وضع بين يديه طعام إلّا بكى ، حتّى قال له مولى له : يا ابن رسول الله ، أما آن لحزنك أن ينقضي؟
__________________
(١ و ٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٦.
(٣) القلم / ٤٨.
(٤) علامة الإثبات هو اللّام والنون. وقيل : لو كان إثباتا لم يكن بدّ من اللّام والنّون.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٥٠٦.
(٦) الخصال ٢ / ٥١٧ ـ ٥١٩ ، ح ٤.