نبيّا ، اسمه نوح. وإنّه يدعو إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ ويكذّبه قومه ، فيهلكهم الله بالطّوفان. وكان بين آدم وبين نوح ـ عليه السّلام ـ عشرة آباء ، أنبياء وأوصياء كلّهم. وأوصى آدم إلى هبة الله : أنّ من أدركه منكم فليؤمن به وليتّبعه وليصدّق به ، فإنّه ينجو من الغرق.
إلى أن قال : فلبث هبة الله والعقب منه مستخفين (١) بما عندهم من العلم والإيمان والاسم الأكبر وميراث النّبوّة وآثار علم النّبوّة ، حتّى بعث الله نوحا ـ عليه السّلام ـ.
وظهرت وصيّة هبة الله حين نظروا في وصيّة ، آدم ، فوجدوا نوحا نبيّا قد بشّر به آدم ـ عليه السّلام ـ. فآمنوا به واتّبعوه وصدّقوه. وقد كان آدم ـ عليه السّلام ـ وصّى هبة الله أن يتعاهد هذه الوصيّة عند رأس كلّ سنة ، فيكون يوم عيدهم ، ويتعاهدون نوحا وزمانه الّذي يخرج فيه. وكذلك جاء في وصيّة كلّ نبيّ ، حتّى بعث الله محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ. وإنّما عرفوا نوحا بالعلم الّذي عندهم ، وهو قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) (إلى آخر الآية).
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : وروي في الخبر ، أنّ اسم نوح ـ عليه السّلام ـ عبد الغفّار. وإنّما سمّي نوحا ، لأنّه كان ينوح على نفسه.
(أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) : بدل من «إنّي لكم». أو مفعول «مبين».
ويجوز أن يكون «أن» مفسّرة متعلّقة «بأرسلنا» ، أو «بنذير».
وفي تفسير العيّاشيّ (٣) : عن إسماعيل الجعفيّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : كانت شريعة نوح ـ عليه السّلام ـ أن يعبد الله بالتّوحيد والإخلاص وخلع الأنداد ، وهي الفطرة الّتي فطر النّاس عليها. وأخذ ميثاقه على نوح والنّبيّين أن يعبدوا (٤) الله ، ولا يشركوا (٥) به شيئا. وأمره بالصّلاة والأمر والنّهي والحرام والحلال ، ولم يفرض عليه أحكام حدود ولا فرض مواريث. فهذه شريعته.
وفي روضة الكافي (٦) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن إسماعيل الجعفيّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ ، نحوه. إلّا أنّ فيها : والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صريحا.
__________________
(١) أ ، ب : مستحقين.
(٢) تفسير القمّي ١ / ٣٢٨.
(٣) تفسير العياشي ٢ / ١٤٤ ، صدر ح ١٨.
(٤) المصدر : أن يعبدون.
(٥) المصدر : لا يشركون.
(٦) الكافي ٨ / ٢٨٢ ـ ٢٨٣ ، ح ٤٢٤.