وهو النّاصب للظّرف. ويحتمل نصبه بإضمار اذكر ، أو بالانتهاء المحذوف.
(إِلَّا بِإِذْنِهِ) : إلّا بإذن الله ، كقوله (١) : (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ).
وهذا في موقف ، وقوله (٢) : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) في موقف آخر.
وقيل (٣) : أو المأذون فيه هي الجوابات الحقّة ، والممنوع عنه هي الأعذار الباطلة.
والأوّل هو المرويّ عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في كتاب التّوحيد (٤).
(فَمِنْهُمْ شَقِيٌ) وجبت له النّار ، بمقتضى الوعيد (وَسَعِيدٌ) (١٠٥) : وجبت له الجنّة ، بمقتضى الوعد.
والضّمير لأهل الموقف ، وإن لم يذكر. لأنّه معلوم مدلول عليه بقوله : (لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ). أو للنّاس.
(فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) (١٠٦) :
الزّفير : إخراج النّفس. والشّهيق : ردّه ، واستعمالهما في أوّل النّهيق وآخره.
والمراد بهما الدّلالة على شدّة كربهم وغمّهم ، وتشبيه حالهم بمن استولت الحرارة على قلبه ، وانحصر فيه روحه. أو تشبيه صراخهم بأصوات الحمير.
وقرئ (٥) : «شقوا» بالضّمّ.
(خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) :
قيل (٦) : ليس لارتباط دوامهم في النّار بدوامهما ـ فإنّ النّصوص دالّة على تأبيد دوامهم وانقطاع دوامهما ـ بل التّعبير عن التّأبيد والمبالغة بما كانت العرب يعبّرون عنه ، على سبيل التّمثيل. ولو كان للارتباط ، لم يلزم ـ أيضا ـ من زوال السّموات والأرض زوال عذابهم ، ولا من دوامه دوامهما ، إلّا من قبيل المفهوم ، لأنّ دوامهما كالملزوم لدوامه.
وقد عرفت أنّ المفهوم لا يقاوم المنطوق.
وقيل (٧) : المراد سموات الآخرة وأرضها. ويدلّ عليه قوله (٨) ـ تعالى ـ : (يَوْمَ تُبَدَّلُ
__________________
(١) النبأ / ٣٨.
(٢) المرسلات / ٣٥ ـ ٣٦.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٢.
(٤) التوحيد / ٢٦٠.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٢.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٢.
(٧) أنوار التنزيل ١ / ٤٨٢.
(٨) إبراهيم / ٤٨.