لأنّهم أمروا بطاعة كلّ رسول.
(وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (٥٩) ، يعني : كبراءهم الطّاغين.
و «عنيد» من عند ، عندا ، وعندا ، وعنودا : إذا طغى.
والمعنى : عصوا من دعاهم إلى الإيمان وما ينجيهم ، وأطاعوا من دعاهم إلى الكفر وما يرديهم.
(وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) ، أي : جعلت اللّعنة تابعة لهم في الدّارين ، تكبّهم في العذاب.
(أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ) : جحدوه. أو كفروا نعمه. أو كفروا به ، فحذف الجارّ.
(أَلا بُعْداً لِعادٍ) : دعاء عليهم بالهلاك. والمراد به : الدّلالة على أنّهم كانوا مستوجبين لما نزل عليهم بسبب ما حكى عنهم. وإنما كرّر «ألا» وأعاد ذكرهم ، تفظيعا لأمرهم وحثّا على الاعتبار بحالهم.
(قَوْمِ هُودٍ) (٦٠) : عطف بيان «لعاد». وفائدته تمييزهم عن عاد الثّانية ، عاد إرم. والإيماء إلى استحقاقهم للبعد بما جرى بينهم وبين هود.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : قال : إنّ عادا كانت بلادهم في البادية من الشقيق (٢) إلى الأجفر أربعة منازل. وكان لهم زرع ونخيل كثير ، ولهم أعمار طويلة وأجسام طويلة ، فعبدوا الأصنام. وبعث الله إليهم هودا يدعوهم إلى الإسلام وخلع الأنداد ، فأبوا ولم يؤمنوا بهود وآذوه ، فكفّت السّماء عنهم سبع سنين حتّى قحطوا. وكان هود زرّاعا. وكان يسقي الزّرع ، فجاء قوم إلى بابه يريدونه ، فخرجت عليهم امرأة شمطاء عوراء.
فقالت : من أنتم؟
فقالوا : نحن من بلاد كذا وكذا ، أجدبت بلادنا ، فجئنا إلى هود نسأله أن يدعو الله حتّى نمطر (٣) وتخصب بلادنا.
فقالت : لو استجيب (٤) لهود لدعا لنفسه ، فقد احترق زرعه لقلّة الماء.
__________________
(١) تفسير القمّي ١ / ٣٢٩ ـ ٣٣٠.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : المشرق. والشقيق والأجفر : منزلان بطريق مكة.
(٣) المصدر : تمطر.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : استجيبت.