وفي مجمع البيان (١) : وروي عن جابر قال : سمعت النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول لعليّ ـ عليه السّلام ـ : النّاس من شجر شتّى ، وأنا وأنت من شجرة واحدة. ثمّ قرأ هذه الآية.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٤) : يستعملون عقولهم بالتّفكّر ، فيهتدون إلى عظمة الصّانع وعلمه وحكمته وقدرته.
(وَإِنْ تَعْجَبْ) : يا محمّد بإنكارهم البعث.
(فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ) : حقيق بأن يتعجّب منه ، فإنّ من قدر على إنشاء ما قصّ عليك كانت الإعادة أيسر شيء عليه ، والآيات المعدودة ، كما هي دالّة على وجود المبدأ ، فهي دالّة على إمكان الإعادة.
(أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) : بدل من قولهم ، أو مفعول له ، والعامل في «إذا» محذوف دلّ عليه (أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ).
(أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ) : لأنّهم كفروا بقدرته على البعث.
(وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) : مقيّدون بالضّلال لا يرجى خلاصهم ، أو يغلّون يوم القيامة.
(وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٥) : لا ينفكّون عنها. وتوسيط الفصل ، لتخصيص الخلود بالكفّار (٢).
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ) : بالعقوبة قبل العافية ، وذلك أنّهم استعجلوا بما هدّدوا به من عذاب الدّنيا استهزاء.
(وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ) : عقوبات أمثالهم من المكذّبين ، فما بالهم لم يعتبروا بها ، ولم يجوّزوا حلول مثلها عليهم؟
و «المثلة» بفتح الثّاء وضمّها ، كالصّدقة والصّدقة : العقوبة ، لأنّها مثل المعاقب عليه. ومنه المثال للقصاص. وأمثلت الرّجل من صاحبه : إذا اقتصصته منه.
وقرئ (٣) : «المثلات» بالتّخفيف. و «المثلات» بإتباع الفاء العين. والمثلات
__________________
(١) المجمع ٣ / ٢٧٦.
(٢) فيكون الخلود بمعنى : الأبد هنا. وإن كان بمعنى المكث الطويل في المواضع الاخر والمقصود بالفصل هنا : «هم».
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥١٤.