ما قرأوا التّوراة وعلموا أحكامها. أو في أمر محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ من بعد ما علموا صدقه بنعوته وتظاهر معجزاته.
(إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٩٣) : فيميز المحقّ عن المبطل بالإنجاء والإهلاك.
(فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) : من القصص ، على سبيل الفرض والتّقدير.
(فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) : فإنّه محقّق عندهم ، ثابت في كتبهم على نحو ما ألقينا إليك. والمراد تحقيق ذلك ، والاستشهاد بما في الكتب المتقدّمة وأنّ القرآن مصدّق لما فيها. أو وصف أهل الكتاب بالرّسوخ في العلم بصحّة ما أنزل الله. أو تهييج الرّسول وزيادة تثبّته لا إمكان وقوع الشّكّ له.
وقيل (١) : الخطاب للنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ والمراد أمّته ، أو لكلّ من يسمع ، أي : إن كنت أيّها السّامع في شك ممّا نزّلنا على لسان نبيّنا عليك (لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) واضحا. لأنّه لا مدخل للمرية فيه بالآيات القاطعة.
(فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ) (٩٤) : بالتزّلزل عمّا أنت عليه من الجزم واليقين.
(وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٩٥) : أيضا من باب التّهييج والتّثبيت وقطع الأطماع عنه ، كقوله : (فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ).
وفي كتاب علل الشّرائع (٢) : حدّثنا [المظفر بن] (٣) جعفر بن المظفّر العلويّ [حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه قال : حدّثنا عليّ بن عبد الله عن بكر بن صالح عن أبي الخير عن محمد] (٤) بن حسّان ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل الدّارميّ ، عن محمّد بن سعيد الإذخريّ ، وكان ممّن يصحب موسى بن محمّد بن الرضا ، أن موسى أخبره أنّ يحيى بن أكتم كتب إليه يسأله عن مسائل فيها : وأخبرني عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) من المخاطب بالآية. فإن كان المخاطب بها النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أليس قد شكّ فيما أنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ إليه. وإن كان المخاطب به غيره ، فعلى غيره إذن انزل
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٥٧ ـ ٤٥٨.
(٢) العلل / ١٢٩ ، ح ١.
(٣ و ٤) من المصدر.