وجملة : (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) بيان لجملة (سُئِلَتْ).
و (أي) اسم استفهام يطلب به تميز شيء من بين أشياء تشترك معه في حال.
والاستفهام في (بِأَيِّ ذَنْبٍ) تقريري ، وإنما سئلت عن تعيين الذنب الموجب قتلها دون أن تسأل عن قاتلها لزيادة التهديد لأن السؤال عن تعيين الذنب مع تحقق الوائد الذي يسمع ذلك السؤال أن لا ذنب لها إشعار للوائد بأنه غير معذور فيما صنع بها.
وينتزع من قوله تعالى : (سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) الوارد في سياق نفي ذنب عن الموءودة يوجب قتلها استدلال على أنّ من ماتوا من أطفال المشركين لا يعتبرون مشركين مثل آبائهم ، وأول من رأيته تعرض لهذا الاستدلال الزمخشري في «الكشاف». وذكر أن ابن عباس استدل على هذا المعنى قال في «الكشاف» : «وفيه دليل على أن أطفال المشركين لا يعذّبون وإذا بكّت الله الكافر ببراءة الموءودة من الذنب فما أقبح به وهو الذي لا يظلم مثقال ذرة أن يكر على هذا التبكيت فيفعل بها ما تنسى عنده فعل المبكّت من العذاب السرمدي. وعن ابن عباس أنه سئل عن ذلك فاحتج بهذه الآية ا ه. فأشار إلى ثلاثة أدلة :
أحدها : دلالة الإشارة ، أي لأن قوله تعالى : (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) يشير إلى أنها لا ذنب لها ، وهذا استدلال ضعيف لأن الذنب المنفي وجوده بطريقة الاستفهام المشوب بإنكار إنما هو الذنب الذي يخول لأبيها وأدها لا إثبات حرمتها وعصمة دمها فتلك قضية أخرى على تفصيل فيها.
الثاني : قاعدة إحالة فعل القبيح على الله تعالى على قاعدة التحسين ، والتقبيح عند المعتزلة وإحالتهم الظلم على الله إذا عذب أحدا بدون فعله ، وهو أصل مختلف فيه بين الأشاعرة والمعتزلة. فعندنا أنّ تصرف الله في عبيده لا يوصف بالظلم خلافا لهم على أن هذا الدليل مبنيّ على أساس الدليل الأول وقد علمت أنه غير سالم من النقض.
الثالث : ما نسبه إلى ابن عباس وهو يشير إلى ما أخرجه ابن أبي حاتم بسنده إلى عكرمة أنه قال : قال ابن عباس : أطفال المشركين في الجنة ، فمن زعم أنهم في النار فقد كذّب بقول الله تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) وقد أجيب عن القول المروي عن ابن عباس بأنه لم يبلغ مبلغ الصحّة. وهذه مسألة من أصول الدين لا يكتفى فيها إلا بالدليل القاطع.