وتحت ضلوع المستهام كآبة |
|
يخاف على الأحشاء منها التّفطّرا |
ولو أنّ أحشاء تبوح بما حوت |
|
لتمتلئنّ الأرض كتبا وأسطرا |
وشتّان ما بين الاقتراب والاغتراب ، والسكون في الركون والنبوّ عنها والاضطراب ، فذاك تسهل غالبا فيه الأغراض والمآرب ، وهذا تتعفّر فيه المقاصد وتتكدّر المشارب : [الطويل]
وما أنا عن تحصيل دنيا بعاجز |
|
ولكن أرى تحصيلها بالدّنيّة |
وإن طاوعتني رقّة الحال مرّة |
|
أبت فعلها أخلاق نفس أبيّة |
وكما قلت ، عندما صرت إلى الاغتراب وألت : [الوافر]
تركت رسوم عزّي في بلادي |
|
وصرت بمصر منسيّ الرسوم |
ورضت النفس بالتجريد زهدا |
|
وقلت لها عن العلياء صومي |
مخافة أن أرى بالحرص ممّن |
|
يكون زمانه أحد الخصوم |
وكما قال بعض الأكابر ، من أهل الزمان الغابر : [الكامل]
لا عار إن عطلت يداي من الغنى |
|
كم سابق في الخيل غير محجّل (١) |
صان اللئيم ، وصنت وجهي ، ماله |
|
دوني ، فلم يبذل ولم أتبذّل |
أبكي لهمّ ضافني متأوّبا |
|
إنّ الدموع قرى الهموم النّزّل (٢) |
لا تنكروا شيبا ألمّ بمفرقي |
|
عجلا كأنّ سناه سلّة منصل |
فلقد دفعت إلى الهموم تنوبني |
|
منها ثلاث شدائد جمّعن لي |
أسف على ماضي الزمان ، وحيرة |
|
في الحال منه ، ووحشة المستقبل |
ما إن وصلت إلى زمان آخر |
|
إلا بكيت على الزّمان الأوّل |
لله عهد بالحمى لم أنسه |
|
أيام أعصي في الصبابة عذّلي |
ويرحم الله ابن قلاقس الإسكندري (٣) ، إذ قال في معنى التمنّي المصدري : [الطويل]
لعلّ زماني بالعذيب يعود |
|
فيقرب قرب أو يصدّ صدود |
__________________
(١) التحجيل في الفرس : البياض في قوائمه ، وهذا مما يمتدحه العرب في الخيل.
(٢) المتأوّب : الزائر ليلا.
(٣) هو نصر بن عبد الله بن علي الأزهري (انظر : معجم الأدباء ج ١٩ : ص ٢٢٦ ، وفيات الأعيان ج ٥ : ص ٢١).