وحدا (١) بي خطابه الجسيم للإتمام وساقني ، وراقني كتابه الكريم لتلك (٢) الأيام وشاقني ، وذكّرني تلك الليالي التي لم أنسها ، وحرّكني لتلك (٣) المعاهد التي لم أزل أذكر أنسها : [السريع]
الإلف لا يصبر عن إلفه |
|
إلّا كما يطرف بالعين |
وقد صبرنا عنهم مدّة |
|
ما هكذا شأن المحبّين |
فيا له من كتاب كريم ، أعرب (٤) عن ودّ صميم ، وذكّر بعهد غير ذميم ، وودّ طيب العرف والشّميم ، يخجل ابن المعتز لبلاغته وابن المعز تميم : [المتقارب]
ولم تر عيناي من قبله |
|
كتابا حوى بعض ما قد حوى |
كأنّ المباسم ميماته |
|
ولا ماته الصّدغ لمّا التوى |
وأعينه كعيون الحسان |
|
تغازلنا عند ذكر الهوى |
كتاب ذكرنا بألفاظه |
|
عهودا زكت بالحمى واللّوى |
فكأنه الرّوض المطّرد الأنهار ، والدّوح المدبّج الأزهار : [الطويل]
رأينا به روضا تدبّج وشيه |
|
إذا جاد من تلك الأيادي غمائم |
به ألفات كالغصون وقد علا |
|
عليها من الهمز المطلّ حمائم |
وقد سقيت بأنهار البراعة السّلسالة ، حدائق حلّت بها غانية تلك الرسالة ، لتشفي صبّها بالزيارة ، وتشرّف بدنوّها دياره : [الخفيف]
زارت الصّبّ في ليال من البع |
|
د فلمّا دنت رأى الصّبح يلمح |
قلّدت بالعقيان جيد بيان |
|
ليس فيه للفتح من بعد مطمح (٥) |
فشفت النفس من آلامها ، وأحيت ميت الهوى مذ حيّت بعذب كلامها : [الوافر]
كلام كالجواهر حين يبدو |
|
وكالنّدّ المعنبر إذ يفوح |
له في ظاهر الألفاظ جسم |
|
ولكنّ المعاني فيه روح |
__________________
(١) في ب : وحداني.
(٢) في ب : لهاتيك.
(٣) في ب : لهاتيك.
(٤) في ب : كتاب أعرب.
(٥) الفتح : هو الفتح بن خاقان ، ويشير في البيت إلى كتابيه «قلائد العقيان» و «مطمح الأنفس».