لدى المجاورة ، من المسامرة والمحاورة ، في ديباجة ذلك الكتاب ، الذي فتن العقول خبره وسحر الألباب ، وما قصدت إلّا أن يجري اسمي على قلمه ، ويرقم رسمي في مطاوي تحريره ورقمه ، ويكون ذكري مختلطا بذكره ، كما أنّ سرّي مرتبط في المحبة بسرّه ، فرأيت شيخي لم يتصدّ في أثناء هذه البشرى ، لما يفهمني بالذكرى ، لأنتظر النجاح في الأخرى ، ولم يساعدني على ذلك الملتمس ، وحبس عنان القلم فاحتبس ، فانكسرت سورة سروري بفتوري ، وتبين لنفسي عن بلوغ ذلك الأمل تخلّفي وقصوري» انتهى.
ثم قال بعد كلام طويل (١) لم نذكره لعدم تعلّقه بهذا الغرض ، ما صورته : «وحسبت أنّ سيدي وحاشاه ، نسي من ليس ينساه ، وظننت به الظنون ، لأمور تكون أو لا تكون ، وهل يكره سيدي وشيخي (٢) أن يهدى الدنيا في طبق؟ ثم الأخرى على ذلك النسق ، ولا شكّ أن خطّه هو الروضة الغنّا ، لا بل جنّة المأوى ، فطوبى لنفسي إن جنت (٣) ثمرته طوبى ، ولعمر شيخي إني بذلك لجدير ، وإني كنت أملك به الخورنق والسّدير». انتهى ما يتعلّق بالغرض من ذلك الرقيم ، الذي شكل منطقه غير عقيم ، سلك الله تعالى بي وبمن وجّهه الصراط المستقيم.
وأتى في المكتوب بأنواع من البلاغة ، مما تركت ذكره هنا لعدم تعلّقه بهذا الأمر الخاص الذي ييسّر لكارع الأدب مساغّه ، وختمه بقصيدة نفيسة من نظمه يستنجز فيها ذلك الوعد ، وأشهد أنه قد حاز فيها قصب السّبق والمجد ، وما قلت إلّا بالذي علمت سعد ، وهذه صورتها : [السريع]
يا سيّدا أفديه بالأكثر |
|
من أصغر العالم والأكبر |
ويا وحيدا قلّ قولي له |
|
عطارد أنت مع المشتري |
ويا مجيدا ليس عندي له |
|
إلّا مقال المادح المكثر |
أقسمت بالبيت العتيق الذي |
|
حجّت إليه الناس والمشعر |
ما للعلا والعلم إلّا أبو ال |
|
عباس شيخي أحمد المقرّي |
ذاك الذي آثرني منه بال |
|
علم الذي للغير لم يؤثر |
وخصّني منه بأشياء لم |
|
يفز بها غيري ولم يعثر |
__________________
(١) في ب : سقطت : طويل.
(٢) في ب : سقطت : وشيخي.
(٣) في ب : جنيت.