لذاك يبسم فيها الزّهر من طرب |
|
والطّير يشدو ، وللأغصان إصغاء |
فيها خلعت عذاري ما بها عوض |
|
فهي الرياض ، وكلّ الأرض صحراء |
وقد تقدمت هذه القصيدة.
وقال آخر : [الرمل]
حبّذا أندلس من بلد |
|
لم تزل تنتج لي كلّ سرور |
طائر شاد ، وظلّ وارف (١) |
|
ومياه سائحات وقصور |
وقال آخر : [الكامل]
يا حسن أندلس وما جمعت لنا |
|
فيها من الأوطار والأوطان (٢) |
تلك الجزيرة لست أنسى حسنها |
|
بتعاقب الأحيان والأزمان |
نسج الربيع نباتها من سندس |
|
موشيّة ببدائع الألوان |
وغدا النسيم بها عليلا هائما |
|
بربوعها وتلاطم البحران |
يا حسنها والطلّ ينثر فوقها |
|
دررا خلال الورد والرّيحان |
وسواعد الأنهار قد مدّت إلى |
|
ندمائها بشقائق النّعمان |
وتجاوبت فيها شوادي طيرها |
|
والتفّت الأغصان بالأغصان |
ما زرتها إلّا وحيّاني بها |
|
حدق البهار وأنمل السّوسان (٣) |
من بعدها ما أعجبتني بلدة |
|
مع ما حللت به من البلدان |
وحكى بعضهم أنّ بالجامع من مدينة أقليش (٤) بلاطا فيه جوائز منشورة مربعة مستوية الأطراف ، طول الجائزة منها مائة شبر وأحد عشر شبرا.
وفي الأندلس جبل ، من شرب من مائه كثر عليه الاحتلام ، من غير إرادة ولا تفكّر ، وفيها غير ذلك مما يطول ذكره ، والله أعلم.
ولنمسك العنان في هذا الباب ، فإنّ بحر الأندلس طويل مديد ، وربما كررنا الكلام لارتباط بعضه ببعض ، أو لنقل صاحبه المروي عنه ، أو لاختلاف ما ، أو غير ذلك من غرض سديد.
__________________
(١) الطائر الشادي : المفرّد. والظلّ الوارف : الممتدّ.
(٢) الأوطار : جمع وطر : البغية ، المأرب.
(٣) البهار : العرار أو النرجس البري ، وهو نبات طيب الرائحة. والسوسان : السوسن : وهو نبت كثير الألوان.
(٤) أقليش : مدينة لها حصن في ثغر الأندلس. بناها الفتح بن موسى بن ذي النون. (صفة جزيرة الأندلس ص ٢٨).