وعلى الجبل الواحد قصبتها المشهورة بالحصانة ، وعلى الآخر ربضها ، والسور محيط بالمدينة والربض ، وغربيها ربض لها آخر يسمى ربض الحوض ذو فنادق وحمامات وخنادق وصناعات ، وقد استدار بها من كل جهة حصون مرتفعة ، وأحجار أولية ، وكأنما غربلت أرضها من التراب ، ولها مدن وضياع عامرة متصلة الأنهار ، انتهى.
وقال ابن اليسع ، عند ذكره مدينة شنترة : إنّ من خواصّها أنّ القمح والشعير يزرعان فيها ويحصدان عند مضي أربعين يوما من زراعته ، وإن التفاح فيها دور كل واحدة ثلاثة أشبار وأكثر ، قال لي أبو عبد الله الباكوري ، وكان ثقة : أبصرت عند المعتمد بن عباد رجلا من أهل شنترة أهدى إليه أربعا من التفاح ما يقلّ الحامل على رأسه غيرها ، دور كل واحدة خمسة أشبار ، وذكر الرجل بحضرة ابن عبّاد (١) أن المعتاد عندهم أقلّ من هذا ، فإذا أرادوا أن يجيء بهذا العظم وهذا القدر (٢) قطعوا أصلها وأبقوا منه عشرا أو أقلّ وجعلوا تحتها دعامات من الخشب ، انتهى.
وبحصن شنش على مرحلة من المرية التّوت الكثير ، وفيها الحرير والقرمز ، ويعرف واديها بوادي طبرنش.
وبغربي مالقة عمل سهيل ، وهو عمل عظيم كثير الضياع ، وفيه جبل سهيل لا يرى نجم سهيل بالأندلس إلّا منه.
ومن كور الأندلس الشرقية تدمير ، وتسمى مصر أيضا لكثرة شبهها بها ؛ لأنّ لها أرضا يسيح عليها نهر في وقت مخصوص من السنة ، ثم ينضب عنها ، فتزرع كما تزرع أرض مصر ، وصارت القصبة بعد تدمير مرسية ، وتسمى البستان ؛ لكثرة جنّاتها المحيطة بها ، ولها نهر يصبّ في قبليّها.
واعلم أنّ جزيرة الأندلس ـ أعادها الله للإسلام! ـ مشتملة على موسطة ، وشرق ، وغرب.
فالموسطة فيها من القواعد الممصرة التي كل مدينة منها مملكة مستقلة لها أعمال ضخام وأقطار متّسعة : قرطبة ، وطليطلة ، وجيّان ، وغرناطة ، والمرية ، ومالقة. فمن أعمال قرطبة إستجة وبلكونة وقبرة ورندة وغافق والمدوّر وأسطبة وبيّانة واليسّانة والقصير وغيرها. ومن
__________________
(١) بحضرة ابن عبّاد : سقطت في ب.
(٢) وهذا القدر : سقطت في ب.