من العرب هممهم إلى الحلول بها ، فنزل بها من جراثيم العرب وساداتهم جماعة أورثوها أعقابهم إلى أن كان من أمرهم ما كان. فأما العدنانيون فمنهم خندف (١) ، ومنهم قريش ، وأما بنو هاشم من قريش فقال ابن غالب في «فرحة الأنفس» : بالأندلس منهم جماعة كلهم من ولد إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسين (٢) بن علي بن أبي طالب ، ومن هؤلاء بنو حمّود (٣) ملوك الأندلس بعد انتثار سلك بني أميّة ، وأما بنو أميّة فمنهم خلفاء الأندلس ، قال ابن سعيد: ويعرفون هنالك إلى الآن بالقرشيين ، وإنما عمّوا (٤) نسبهم إلى أميّة في الآخر لمّا انحرف الناس عنهم ، وذكروا أفعالهم في الحسين رضي الله عنه ، وأما بنو زهرة فمنهم بإشبيلية أعيان متميزون ، وأما المخزوميون فمنهم أبو بكر المخزومي الأعمى الشاعر المشهور من أهل حصن المدوّر ، ومنهم الوزير الفاضل في النظم والنثر وأبو بكر بن زيدون ووالده الذي هو أعظم منه أبو الوليد بن زيدون وزير معتضد بني عباد.
وقال ابن غالب : وفي الأندلس من ينسب إلى جمح ، وإلى بني عبد الدار ، وكثير من قريش المعروفون بالفهريين من بني محارب بن فهر ، وهم من قريش الظواهر ، ومنهم عبد الملك بن قطن سلطان الأندلس ، ومن ولده بنو القاسم الأمراء الفضلاء ، وبنو الجدّ الأعيان العلماء ، ومن بني الحارث بن فهر يوسف بن عبد الرحمن الفهري سلطان الأندلس الذي غلبه عليها عبد الرحمن الأموي الداخل ، وجدّ يوسف عقبة بن نافع الفهري صاحب الفتوح بإفريقية ، قال ابن حزم : ولهم بالأندلس عدد وثروة. وأما المنتسبون إلى عموم كنانة فكثير ، وجلّهم في طليطلة وأعمالها ، ولهم ينسب الوقّشيّون (٥) الكنانيون الأعيان الفضلاء الذين منهم القاضي أبو الوليد والوزير أبو جعفر ، ومنهم أبو الحسين بن جبير العالم صاحب الرحلة ، وقد ذكرناه في محله. وأما هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر ، فذكر ابن غالب أن منزلهم بجهة أريولة من كورة تدمير. وأما تميم بن مرّ بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر ، فذكر ابن
__________________
(١) خندف : قبيلة عربية عدنانية نسبة إلى ليلى بنت حلوان بن الحاف بن قضاعة وهي زوجة الياس بن مضر ودعيت خندف لأنها كانت قالت لزوجها وأولادها «ما زلت أخندف أثركم» تريد : ما زلت أسير.
(٢) في ب : الحسن.
(٣) عمّوا نسبهم : أخفوه وستروه.
(٤) في ب : فهم.
(٥) الوقّشيون : نسبة إلى وقّش ، قرية بثغر الأندلس ، ينسب إليها أبو الوليد هشام بن أحمد بن هشام بن خالد الكناني الوقّشي من أهل طليطلة ، ولي قضاء طلبيرة ، وعني بالهندسة والمنطق ، مليح النادرة ذكر أنه اختصم إليه رجلان فقال أحدهما : يا فقيه اشتريت من هذا اثني عشر تيسا حاشاك. فقال له : قل أحد عشر. توفي بدانية سنة ٤٨٩ ه. (صفة جزيرة الأندلس ص ١٩٦).