الباب الأوّل
وصف الأندلس
في وصف جزيرة الأندلس وحسن هوائها ، واعتدال مزاجها ووفور خيراتها واستوائها ، واشتمالها على كثير من المحاسن واحتوائها ، وكرم بقعتها التي سقتها سماء البركات بنافع أنوائها (١) ، وذكر بعض مآثرها المجلوّة الصّور ، وتعداد كثير مما لها من البلدان والكور (٢) ، المستمدّة من أضوائها ، فأقول :
محاسن الأندلس لا تستوفى بعبارة ، ومجاري فضلها لا يشقّ غباره ، وأنّى تجارى وهي الحائزة قصب السّبق ، في أقطار الغرب والشرق؟.
قال ابن سعيد : إنما سمّيت بالأندلس بن طوبال بن يافث بن نوح ؛ لأنه نزلها ، كما أن أخاه سبت بن يافث نزل العدوة المقابلة لها ، وإليه تنسب سبتة (٣).
قال : وأهل الأندلس يحافظون على قوام اللسان العربي ؛ لأنهم إمّا عرب أو متعرّبون ، انتهى.
وقال ابن غالب : إنه أندلس بن يافث ، والله تعالى أعلم.
وقال الوزير لسان الدين بن الخطيب ـ رحمه الله! ـ في بعض كلام له أجرى فيه ذكر البلاد الأندلسية ، أعادها الله تعالى للإسلام! ببركة المصطفى عليه من الله أفضل الصلاة وأزكى السلام ، ما نصّه : خصّ الله تعالى بلاد الأندلس من الرّيع وغدق السّقيا ، ولذاذة الأقوات ، وفراهة الحيوان ، ودرور الفواكه ، وكثرة المياه ، وتبحّر العمران ، وجودة اللباس ، وشرف الآنية ، وكثرة السلاح ، وصحة الهواء ، وابيضاض ألوان الإنسان ، ونبل الأذهان ، وفنون (٤)
__________________
(١) الأنواء : جمع نوء : المطر.
(٢) الكور : جمع كورة ، وهي المدينة أو البقعة التي تجتمع فيها المساكن والقرى.
(٣) سبتة ـ بفتح السين وسكون الباء ـ بلدة مشهورة على برّ البربر تقابل الأندلس.
(٤) في ب : وقبول.