ربّ ورقاء في الدياجي تنادي |
|
إلفها في غصونها الميّاده |
فتثير الهوى بلحن عجيب |
|
يشهد السّمع أنها عوّاده |
كلما رجّعت توجّعت حزنا |
|
فكأنّا في وجدنا نتباده |
فيا لها من ذات طوق ، مثيرة لكامن شوق ، جالبة له من يمين وشمال وفوق : [الخفيف]
ذكّرتني الورقاء أيام أنس |
|
سالفات فبتّ أذري الدموعا |
ووصلت السّهاد شوقا لحبّي |
|
وغراما وقد هجرت الهجوعا |
كيف يخلو قلبي من الذكر يوما |
|
وعلى حبّهم حنيت الضّلوعا |
كلما أولع العذول بعتبي |
|
في هواهم يزداد قلبي ولوعا |
وربما أتخيّل قول من قال إنها بالحزن بائحة ، وعلى فقد الإلف نائحة ، فأنشد قول خليل ، وهو بالحبّ مدنف وعليل : [الوافر]
وربّ حمامة في الدّوح باتت |
|
تجيد النّوح فنّا بعد فنّ |
أقاسمها الهوى مهما اجتمعنا |
|
فمنها النّوح والعبرات منّي |
ولا غرو إن ظهر سرّ بائح ، فباك مثلي من الشّجو نائح : [الكامل]
فرجعت بعد فراق أيام الهوى |
|
أصف الصّبابة للمحبّ المولع |
دامي الجفون إذا الحمامة غرّدت |
|
من فوق خوط البانة المترعرع (١) |
أسقي الديار. وقد تباعد أهلها |
|
عنها. عزاليّ الدّموع الهمّع |
ونواعب الأطلال ليس يجيبني |
|
ما بينهنّ سوى الصّدى بتوجّع |
وهواتف فوق الغصون يجيبني |
|
منهنّ تغريد الحمام السّجع |
ناحت على عذب الفروع وإلفها |
|
منها بمرأى فوقها وبمسمع |
ما فارقت إلفا كما فارقته |
|
كلّا ولا أجرت سواكب أدمعي |
على أوان عيون سعوده روان ، وزمان معمور بأمانيّ وأمان ، وآمال دوان ، وتهان ما بين بكر وعوان ، وفي عذر من طال ليله فاضطرب فيه لولوعه ، وسكن جواه بجوانحه وضلوعه : [الكامل]
__________________
(١) الخوط : الغصن الناعم.