طلب العلّة في تأخير أوّل الوقت إلى ذلك المقدار.
وفي التهذيب (١) فسّر القامة في هذا الخبر بما يبقى عند الزوال من الظلّ ، سواء كان ذراعا أو أقلّ أو أكثر ، وجعل التحديد بصيرورة الفيء الزائد مثل الظلّ الباقي كائنا ما كان.
واعترض عليه بعض مشايخنا ـ طاب ثراهم ـ بأنّه يقتضي اختلافا فاحشا في الوقت ، بل يقتضي التكليف بعبادة يقصر عنها الوقت ، كما إذا كان الباقي شيئا يسيرا جدّا ، بل يستلزم الخلوّ عن التوقيت في اليوم الذي تسامت فيه الشمس رأس الشخص ، لانعدام الظلّ الأوّل حينئذ (٢).
ويعني بالعبادة النافلة ؛ لأنّ هذا التأخير من الزوال إنّما هو للإتيان بها ، كما ستقف عليه.
أقول : أمّا الاختلاف الفاحش : فغير لازم ، وذلك لأنّ كلّ بلد وزمان يكون الظلّ الباقي فيه شيئا يسيرا فإنّما يزيد الفيء فيه في زمان طويل ؛ لبطئه حينئذ في التزايد ، وكلّ بلد أو زمان يكون الظلّ الباقي فيه كثيرا فإنّما يزيد الفيء فيه في زمان يسير ؛ لسرعته في التزايد حينئذ ، فلا يتفاوت الأمر في ذلك.
وأمّا انعدام الظلّ : فهو أمر نادر لا يكون إلّا في قليل من البلاد في يوم يكون الشمس فيه مسامتة لرؤوس أهله لا غير ، ولا عبرة بالنادر.
نعم ، يرد على تفسير صاحب التهذيب أمران :
أحدهما : أنّه غير موافق لقوله عليهالسلام : «فإذا كان ظلّ القامة أقلّ أو أكثر كان
__________________
(١) راجع : التهذيب ٢ : ٢٣ ، ذيل ح ٦٦.
(٢) الشيخ البهائي في الحبل المتين : ١٤٠.