شرطيّة الترتيب ، أوجبوا الصبر إلى أن تمضي مدّة الاختصاص ؛ فإنّ من المحتمل قويّا إرادة كثير منهم الوقت الفعلي الذي يكون المكلّف مأمورا بأن يصلّي فيه العصر ، الغير المنافي لصلاحيّة الوقت قبله لصحّتها على بعض التقادير ، كما يشهد بذلك بعض أدلّتهم الآتية.
وكيف كان فقد استدلّ لاختصاص أوّل الوقت بالظهر بأمور :
منها : ما تقدّمت الإشارة إليه من الاستشهاد له بقوله عليهالسلام : «إلّا أنّ هذه قبل هذه» (١).
وقد عرفت أنّ الأخبار المتضمّنة لهذه الفقرة على خلاف مطلوبهم أدلّ إن أرادوا إنكار صلاحيّة أوّل الوقت لفعل العصر مطلقا حتّى مع فرض انتفاء شرطيّة الترتيب أو سقوط التكليف بالظهر ، وأمّا إن أرادوا بذلك نفي الفعليّة ، فهو حقّ ، كما تقدّمت الإشارة إليه ، وسيأتي توضيحه إن شاء الله ، فإنّ هذه الروايات تدلّ بالالتزام على أنّ لصلاة العصر ثلاثة أوقات : وقت صالح لها من حيث هو ، وهو يدخل بالزوال ، ووقت يكون المكلّف مأمورا بإيقاعها فيه على الإطلاق ، لا على سبيل الفرض والتقدير بحيث يكون وجوبه في ذلك الوقت مشروطا بمقدّمات وجوبيّة خارجة عن اختيار المكلّف ، وهذا لا يعقل أن يكون إلّا بعد مضيّ مقدار أداء الظهر ووقت يتنجّز فيه التكليف بها ، وهذا إنّما يتحقّق بعد الفراغ من الظهر.
وإن شئت سمّيت هذا الوقت بالوقت الفعلي ؛ فإنّه أولى بهذه التسمية من الوقت بالمعنى المتقدّم.
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٨٢ ، الهامش (٤).