وعن صاحب المنتقى والعلّامة في التذكرة أنّهما ذكرا أنّ النظر والاعتبار يدلّان على أنّ هذا مخصوص بالمدينة (١).
أقول : وهذا مبنيّ على أن يكون عرض المدينة زائدا على الميل الأعظم ، وعدم انعدام الظلّ فيها أصلا ، كما حكي عن العلّامة وغيره (٢).
وكيف كان فلا ريب في أنّ ما في الرواية تحديد تقريبيّ ، فلا يتوجّه عليه الإشكال بأنّ اختلاف الأشهر في ازدياد الظلّ ونقصانه تدريجيّ الحصول ، فكيف جعل في الرواية ازدياده في ثلاثة أشهر الصيف قدما قدما ، وفي أشهر الخريف قدمين قدمين ، ونقصانه في الشتاء والربيع بعكس ذلك! فإنّ المقصود بالرواية ـ بحسب الظاهر ـ بيان ما يعرف به الزوال تقريبا ، والتنبيه على اختلاف الظلّ في الفصول الأربعة ، وبيان مقدار التفاوت على سبيل الإجمال ، والله العالم.
ونظير هذه العلامة في عدم الاطّراد وكونها علامة تقريبيّة العلامة الرابعة التي ذكرها المصنّف رحمهالله بقوله : (أو بميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمن يستقبل القبلة) فإنّه علامة لأهل العراق ، كما ذكره غير واحد من الأصحاب ، بل عن جامع المقاصد (٣) نسبته إليهم لكن مع التقييد بما سمعت ، كما أنّه بحسب الظاهر هو المراد بإطلاق المتن ، ضرورة عدم كون ما ذكر علامة على الإطلاق ، بل في المدارك وغيره تقييده أيضا بمن كان قبلته نقطة الجنوب منهم ، كأطراف
__________________
(١) منتقى الجمان ١ : ٣٩٤ ، تذكرة الفقهاء ٢ : ٣٠٢ ، ذيل المسألة ٢٤ ، وحكاه عنهما العاملي في الوسائل ، ذيل ح ٣ من الباب ١١ من أبواب المواقيت.
(٢) راجع : نهاية الإحكام ١ : ٣٣٣ ، والذكرى ٢ : ٣٢١ ، وكذا جواهر الكلام ٧ : ١٠٠.
(٣) جامع المقاصد ٢ : ١٣ ، وحكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٧ : ١٠٤.