حكمة لتشريعها.
ولكنّ الأمر فيها سهل بعد مشروعيّة فعلها في خارج الوقت كغيرها من النوافل ، وعدم مزاحمتها لفريضة حاضرة حتّى يطلع الفجر.
ولعلّه إلى ما أشرنا إليه ـ من ظهور الأدلّة في إرادة إيقاعها قبل المبيت ـ أشار المصنّف رحمهالله ـ تبعا للمحكيّ عن الشيخين وأتباعهما (١) ـ بقوله : (وينبغي أن يجعلهما خاتمة نوافله) أي نوافله التي يريد أن يأتي بها قبل أن ينام ، كنوافل شهر رمضان وغيرها ليكون نومه عن وتر ، وإلّا فالأولى أن يجعل خاتمتها الوتر بأن يأتي بنافلة الليل في وقتها ثمّ الشفع ثمّ الوتر ، ولا يتركها ، أو يخالف الترتيب الموظّف ، كما يشهد لذلك ـ مضافا إلى أخبارها الدالّة عليه ـ ما روى زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : «وليكن آخر صلاتك وتر ليلتك» (٢) والمتبادر منها صلاة الوتر ، لا الوتيرة ، فهذه الرواية بحسب الظاهر مسوقة لبيان تأخّر مرتبة الوتر عن نافلة الليل وركعتي الشفع.
وقد فسّر في الحدائق (٣) الوتر في هذه الرواية بالوتيرة ، فجعلها دليلا لما سمعته عن الشيخين ، مع أنّه لا مقتضي لصرف الرواية عن ظاهرها ، فكأنّ الذي أوقعه في ذلك وضوح كون الوتر متأخّرة في الرتبة عن نوافل الليل ، فلم يخطر بذهنه إرادة هذا المعنى ، وأنت خبير بأنّ وضوح كونها كذلك إنّما نشأ من الأخبار
__________________
(١) المقنعة : ١١٨ و ١٦٦ ، النهاية : ٦٠ و ١١٩ ، المبسوط ١ : ٧٦ و ١٣٣ ، الكافي في الفقه :١٥٩ ، المراسم : ٨٢ ، المهذّب ١ : ١٤٥ ، وحكاه عنهم العاملي في مدارك الأحكام ٣ : ٧٥.
(٢) الكافي ٣ : ٤٥٣ / ١٢ ، التهذيب ٢ : ٢٧٤ / ١٠٨٧ ، الوسائل ، الباب ٤٢ من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ، ح ٥.
(٣) الحدائق الناضرة ٦ : ٢٢٤.