تنبيهان :
الأوّل : هل تسقط النوافل اليوميّة عن المسافر في الأماكن الأربعة أيضا ،كما يقتضيه إطلاق المتن وغيره ، أم لا تسقط فيها مطلقا ، كما عن الشيخ نجيب الدين ابن نما عن شيخه ابن إدريس مصرّحا بعدم الفرق بين أن يتمّ الفريضة أولا ، ولا بين أن يصلّي الفريضة خارجا عنها والنافلة فيها ، أو يصلّيهما معا فيها (١) ، أو أنّها تابعة للفريضة ، فإن اختار إيقاع الفريضة فيها تماما ، جاز له الإتيان بنافلتها ، وإلّا فلا؟ وجوه ، بل أقوال ، ربّما يترجّح في النظر القول بعدم السقوط مطلقا ، نظرا إلى أنّ عمدة ما يمكن التمسّك بإطلاقها للسقوط هي المستفيضة المتقدّمة (٢) ، وهي ما ورد فيها «أنّ الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شيء».
وهي قاصرة عن شمول محلّ البحث ؛ إذ الظاهر أنّ المراد بهذه القضيّة بيان قصر طبيعة الصلاة ـ المشروعة في السفر ـ في الركعتين اللّتين اريد بهما الفريضة مقصورة ، فهي بمنزلة ما لو قيل : إنّ الصلاة المأمور بها في السفر ليست إلّا ركعتان ، وقد تخصّصت هذه القضيّة بالأدلّة الدالّة على جواز الإتمام في الأماكن الأربعة حيث إنّها تدلّ على أنّ الصلاة المشروعة في تلك الأماكن أزيد من ركعتين.
لكن لقائل أن يقول : إنّ هذا لا يقتضي إهمال القضيّة رأسا بالنسبة إلى تلك الأماكن ، بل مقتضاه رفع اليد عن عموم ما يفهم منها من عدم شرعيّة الزائد بمقدار دلالة الدليل ، كما لو ورد دليل خاصّ على جواز الإتيان بركعتين ـ مثلا ـ من نافلة الظهر في مكان خاصّ ، فإنّ مقتضاه ليس إلّا رفع اليد عن عموم المفهوم بالنسبة
__________________
(١) حكاه عنه الشهيد في الذكرى ٤ : ٣٣٥.
(٢) في ص ٥٦.