صلاة الجمعة المعهودة في الشريعة مسنونة للمسافر ، وواجبة على الحاضر ، والذي يمكن التمسّك بإطلاقه لوجوب الإعادة عند تجدّد العنوان المعلّق عليه الحكم الوجوبي هو الأوّل ، وما نحن فيه من قبيل الثاني ، وقد أشرنا إلى أنّ قضيّة اتّحاد المتعلّق حصول الإجتزاء بفعله مطلقا ، والله العالم.
ثمّ إنّا إن قلنا بوجوب الاستئناف ، فهذا إنّما هو فيما إذا تمكّن من ذلك بأن أدرك من الوقت بمقدار ما يسع الفريضة ولو بإدراك ركعة منها ، الذي هو بمنزلة إدراك الكلّ مع ما تتوقّف عليه من الطهارة إن قلنا بوجوب إعادتها أيضا ، وكون ما صدر منه تمرينيّة (و) أمّا (إن بقي من الوقت دون الركعة) مع ما تتوقّف عليه (بنى على نافلته) وجوبا ؛ بناء على حرمة قطع النافلة ، وعدم كونها تمرينيّة ، واستحبابا بناء على شرعيّتها ، وعدم حرمة القطع ، واحتياطا ؛ بناء على التمرينيّة ؛ صونا لصورة الصلاة عن الانقطاع ؛ رعاية لما احتمله بعض (١) من وجوب حفظ الصورة وإن كان بعيدا (ولا يجدّد نيّة الفرض) إذ المفروض أنّه لم يؤمر بالفريضة ؛ لقصور الوقت عن أدائها فكيف يقصدها بفعله!؟
وأمّا على ما قوّيناه من شرعيّة عبادته (٢) والاعتداد بعلمه السابق فيجب عليه إتمامها بنيّة الفرض ؛ ضرورة أنّ المانع عن إلزامه بالصلاة الواجبة على البالغين بعد اندراجه في موضوعهم ليس إلّا عدم القدرة على الامتثال ، وهو في الفرض قادر عليه بإتمام ما في يده ، فيجب ، لكن لا يجب تجديد النيّة ؛ لأنّا لا نقول بوجوب قصد الوجه ، كما حقّقناه في محلّه.
__________________
(١) راجع : جامع المقاصد ٢ : ٤٧.
(٢) في «ض ١٦» : «عباداته».