فكأنّه أشار بالحديث السابق إلى الرواية الأخيرة التي نقلناها أخيرا ، ومراده ـ على الظاهر ـ بيان عدم جواز تأخيرها عن الوقت ، وصيرورتها قضاء بذلك ، لا جواز الإتيان بها من أوّل الوقت مقدّما على فريضة المغرب حتّى تنافيه الأخبار المتقدّمة المحدّدة لوقتها بما بين العشاءين ، الذي لا يتبادر منه إلّا إرادة ما بين الصلاتين ، فلا يرد عليه ما قيل (١) من أنّه لا منافاة بين كون هذه الساعة ساعة الغفلة ، كما هو مفاد الرواية الأخيرة ، وبين عدم شرعيّة صلاتها إلّا بعد الفراغ من فريضة المغرب ، كما تدلّ عليه سائر الأخبار.
وكيف كان فربّما يظهر من محكيّ الذكرى أنّ ركعتي ساعة الغفلة اللّتين أمر بهما النبيّ صلىاللهعليهوآله في خبر السكوني نافلة أخرى مغايرة لصلاة الغفيلة.
قال ـ على ما حكي عنه ـ : السادس عشر : يستحبّ ركعتان ساعة الغفلة ، وقد رواهما الشيخ بسنده عن الصادق عن أبيه عليهماالسلام. وذكر خبر السكوني المتقدّم (٢) ، ثمّ قال : ويستحبّ أيضا بين المغرب والعشاء ركعتان يقرأ في الأولى [بعد] (٣) الحمد (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) (٤) إلى آخر ما سمعت (٥). انتهى.
واعترض بوجوه لا تخلو عن وجاهة ، أوجهها : أنّ الزيادة التي سمعتها عن الفلاح ـ من استشهاد الإمام عليهالسلام لصلاة الغفيلة بقول النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ كالصريحة في الاتّحاد ، وأنّ ظاهر الوصليّة في خبر السكوني عدم اعتبار الخفّة شرطا ، كي ينافي
__________________
(١) راجع : مفتاح الكرامة ٣ : ٢٦٩.
(٢) في ص ٤٦ ـ ٤٧.
(٣) ما بين المعقوفين من المصدر.
(٤) الأنبياء ٢١ : ٨٧.
(٥) الذكرى ٢ : ٣١٣ ، وعنه في الحدائق الناضرة ٦ : ٧١.