الفريضتين ، كما في هذا الحديث ، وقد يستعمل لتعريف آخر وقتي فضيلتهما ، كما يأتي في الأخبار الأخر ، فكلّ ما يستعمل لتعريف الزوال فالمراد به مقدار سبعي الشاخص ، وكلّ ما يستعمل لتعريف الآخر فالمراد به مقدار تمام الشاخص ، ففي الأوّل يراد بالقامة الذراع ، وفي الثاني بالعكس.
وربّما يستعمل لتعريف الآخر لفظ «ظلّ مثلك» و «ظلّ مثليك» ويراد بالمثل القامة.
والظلّ قد يطلق على ما يبقى عند الزوال خاصّة. وقد يطلق على ما يزيد بعد ذلك فحسب ، الذي يقال له : الفيء ، من «فاء يفيء إذا رجع» لأنّه كان أوّلا موجودا ثمّ عدم ثمّ رجع. وقد يطلق على مجموع الأمرين.
ثمّ إنّ اشتراك هذه الألفاظ بين هذه المعاني صار سببا لاشتباه الأمر في هذا المقام حتّى إنّ كثيرا من أصحابنا عدّوا هذا الحديث مشكلا لا ينحلّ ، وطائفة منهم عدّوه متهافتا ذا خلل ، وأنت بعد اطّلاعك على ما أسلفناه لا أحسبك تستريب في معناه ، إلّا أنّه لمّا صار على الفحول خافيا فلا بأس أن نشرحه شرحا شافيا نقابل به ألفاظه وعباراته ، ونكشف به عن رموزه وإشاراته.
فنقول والهداية من الله : تفسير الحديث على وجهه ـ والله أعلم ـ أن يقال :إنّ مراد السائل أنّه ما معنى ما جاء في الحديث من تحديد أوّل وقت فريضة الظهر وأوّل وقت فريضة العصر تارة بصيرورة الظلّ قامة وقامتين ، وأخرى بصيرورته ذراعا وذراعين ، وأخرى قدما وقدمين ، وجاء من هذا القبيل من التحديد مرّة ومن هذا أخرى ، فمتى هذا الوقت الذي يعبّر عنه بألفاظ متباينة المعاني؟ وكيف