وسألت أن احبب الناس إليك ، وابغضهم واخذلهم لابن الزبير فلا ولا سرور ولا كرامة ، كيف وقد قتلت حسينا وفتيان عبد المطلب مصابيح الهدى ونجوم الاعلام؟ غادرتهم خيولك بأمرك في صعيد واحد مرملين بالدماء مسلوبين بالعراء ، مقتولين بالظماء لا مكفنين ولا مسودين تسفي عليهم الرياح وينشىء بهم عرج البطاح حتى أتاح اللّه لهم بقوم لم يشركوا في دمائهم كفنوهم واجنوهم ، وبي وبهم لو عززت (١) وجلست مجلسك الذي جلست.
فما أنسى من الأشياء فلست بناس اطرادك حسينا من حرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، الى حرم اللّه وتسييرك الخيول إليه فما زلت بذلك حتى اشخصته الى العراق فخرج خائفا يترقب فنزلت به خيلك عداوة منك للّه ولرسوله ولأهل بيته الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، فطلب إليكم الموادعة وسألكم الرجعة فاغتنمتم قلة أنصاره واستئصال أهل بيته وتعاونتم عليه كأنكم قتلتم أهل بيت من الترك والكفر ، فلا شيء أعجب عندي من طلبتك ودي وقد قتلت ولد أبي وسيفك يقطر من دمي وأنت احد ثاري ، ولا يعجبك ان ظفرت بنا اليوم فلنظفرن بك يوما» (٢).
وحفلت هذه الرسالة بانهام يزيد بأنه الذي أشخص الامام الحسين إلى العراق ليقتله ، وانه لم يخرج الا لمطاردة جيوش يزيد في المدينة وفي مكة ، ولم يكن خروجه إلى العراق استجابة منه لأهل الكوفة ، وانما ارغمته جيوش يزيد على ذلك.
__________________
(١) في رواية «وبي وبهم عززت»
(٢) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٣١٨ ، ورواه اليعقوبي بصورة أخرى ذكر فيه الأحداث المروعة التي اقترفها معاوية ويزيد.