لقد عانى الامام العظيم الوانا قاسية ومذهلة من المحن والخطوب كانت بقدر ايمانه باللّه فلم يكد يفرغ من محنة حتى يواجهه سيل من المحن الكبرى التي لا يطيقها أي انسان.
ووضع الامام أرقى المخططات العسكرية وأدقها في ذلك العصر فنظم جبهته تنظيما رائعا ، واحاط معسكره بكثير من الحماية ، فقد خرج في غلس الليل البهيم ، وكان معه نافع بن هلال ، فجعل يتفقد التلاع والروابي وينظر إليها بدقة مخافة أن تكون مكمنا لهجوم الأعداء حين الحرب ، وقد أمر اصحابه بصنع ما يلي :
أولا ـ مقاربة البيوت بعضها من بعض ، بما في ذلك بيوت الهاشميين والأصحاب ، وفيما نحسب أنها كانت عدة صفوف من كل جهة لا صفا واحدا ، وانما صنع ذلك لئلا يكون هناك مجال لتسرب العدو وتخلله من بينها (١)
ثانيا ـ حفر خندق من الخلف محيط بخيم أهله وعياله ، وملئه بالحطب ، لاشعال النار فيه وقت الحرب (٢) وانما امر بذلك لما يلي :
أ ـ ان تكون عوائلهم في مؤمن من العدو اثناء العمليات الحربية فانه لا يتمكن من اقتحام النار والهجوم عليها
ب ـ استقبال العدو من جهة واحدة ، وعدم تعدد الجهات القتالية نظرا لقلة اصحاب الامام ، ولو لا هذا التدبير لأحاط بهم
__________________
(١) البداية والنهاية ٨ / ١٧٧
(٢) وسيلة المال في مناقب الآل (ص ١٩٠) البداية والنهاية ٨ / ١٨٧