انه بالذات هو الهدف لتلك الوحوش الكاسرة فاذا ظفروا به فلا ارب لهم في طلب غيره.
ولم يكد يفرغ الامام من كلماته حتى هبت الصفوة الطيبة من أهل بيته ، وهم يعلنون اختيار الطريق الذي يسلكه ، ويتبعونه في مسيرته ولا يختارون غير منهجه ، فانبروا جميعا وعيونهم تفيض دموعا قائلين :
«لم نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك لا أرانا اللّه ذلك أبدا»
بدأهم بهذا القول أخوه ابو الفضل العباس وتابعته الفتية الطيبة من ابناء الأسرة النبوية ، والتفت الامام إلى ابناء عمه من بني عقيل فقال لهم :
«حسبكم من القتل بمسلم اذهبوا فقد أذنت لكم»
وهبت فتية آل عقيل تتعالى اصواتهم قائلين بلسان واحد :
«اذن ما يقول الناس؟ : وما نقول؟ : إنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ولم نرم معهم بسهم ، ولم نطعن برمح ، ولم نضرب بسيف ولا ندري ما صنعوا؟ لا واللّه لا نفعل ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا نقاتل معك ، حتى نرد موردك فقبح اللّه العيش بعدك» (١).
واترعت قلوب اصحاب الامام ايمانا فقد صهرهم ابو عبد اللّه بمثله التي لا تحد ، فقد رأوا فضائله ومزاياه ، واندفاعه نحو الحق ، وانه
__________________
(١) الطبري ٦ / ٢٣٨ ، تأريخ ابن الأثير ٣ / ٢٨٥