وقبل أن يغادر الامام مكة انطلق إلى البيت الحرام فأدى له التحية بطوافه وصلاته ، وكان ذلك هو الوداع الأخير له وأدي فيه فريضة صلاة الظهر ثم خرج مودعا له (١) لقد انطلق الحسين مودعا الكعبة حاملا روحها بين جنبيه وشعلتها بكلتا يديه.
تواكبه الملائك وتباركه وتطيف به كأنها حذرة عليه ...
فانه البقية من ارث السماء على الأرض (٢).
لقد نزح عن مكة خائفا من حفيد أبي سفيان ، كما نزح عنها جده الرسول (ص) خوفا من المشركين بزعامة أبي سفيان ، وقد صحبه اثنان وثمانون رجلا من أهل بيته وخاصته ومواليه (٣) كما صحب معه السيدات من مخدرات الرسالة وعقائل النبوة .. لقد خرج الامام وهو يحمل معه التحرير الكامل للأمة الاسلامية يريد أن يقيم في ربوعها حكم القرآن ، وعدالة السماء ويرد عنها كيد المعتدين.
وكان خروجه فيما يقوله أكثر المؤرخين في اليوم الثامن من ذي الحجة
__________________
(١) جواهر المطالب في مناقب الامام علي بن أبي طالب من مصورات مكتبة الامام أمير المؤمنين.
(٢) الامام الحسين (ص ٥٥٧)
(٣) دائرة المعارف للبستاني ٧ / ٤٨ ، وسيلة المال في عد مناقب الآل (ص ١٨٨) وفي تاريخ ابن عساكر ١٣ / ٧١ وخرج متوجها إلى العراق في أهل بيته وستين شيخا من أهل الكوفة ، وفي تاريخ الاسلام للذهبي ١ / ٣٤٣ فسار من مكة وخف معه من بني عبد المطلب تسعة عشر رجلا ونساء وصبيان.