وزحف مسرف بجنوده الى المدينة فاحتلها ، وقد أباحها لجنده ثلاثة أيام فقتلوا ونهبوا واستباحوا كل ما حرمه اللّه ، ثم أخذ البيعة من أهلها على أنهم خول ليزيد ، ومن أبي ضربت عنقه ، وقد حدثت من الرزايا في تلك الواقعة ما تذوب منه النفوس ، وقد ذكر المؤرخون صورا مروعة ومحزنة مما حل بالمدنيين فكانت هذه الكارثة كفاجعة كربلا وقد دفعت الشعوب الاسلامية إلى التكتل السياسي للعمل ضد الحكم الأموي والاطاحة به.
وندم أهل الكوفة أشد الندم على خذلانهم للامام وجعلوا يتلاومون على ما اقترفوه من عظيم الاثم وقد أجمعوا على اقرارهم بالذنب في خذلانه ولزوم التكفير عنه بالمطالبة بثأره وقد خاطب أحدهم ابنته فقال لها :
يا بنية إن أباك يفر من ذنبه إلى ربه (١) وقد عقدوا مؤتمرا في منزل سليمان بن صرد الخزاعي ، وهو شيخ الشيعة وصاحب رسول اللّه (ص) وذو السابقة والقدم في الاسلام ، فقد تداولوا الحديث فيما بينهم ورأوا أنه لا يغسل عنهم العار والاثم الا بقتل من قتل الحسين (ع).
وقد القيت في قاعة الحفل عدة خطب حماسية وهي تدعو الى التلاحم ووحدة الصف للأخذ بثأر الامام العظيم ، وكان انعقاد المؤتمر فيما يقول المؤرخون في سنة (٦١ هـ) (٢) وهي السنة التي قتل فيها الحسين.
__________________
(١) تأريخ الطبري
(٢) أنساب الأشراف ق ١ ج ١