وعلى أي حال فقد واصل الامام مسيرته بعزم وثبات ، ولم يثنه عن نيته قول الفرزدق في تخاذل الناس عنه ، وتجاوبهم مع بني أمية ، ولو كان الامام يروم الملك لصده قول الفرزدق عن التوجه الى العراق»
ولما وافى الامام الحسين الحاجر من بطن ذي الرمة ، وهو أحد منازل الحج من طريق البادية كتب كتابا لشيعته من اهل الكوفة يعلمهم بالقدوم إليهم ، وقد جاء فيه بعد البسملة :
«من الحسين بن علي إلى إخوانه من المؤمنين والمسلمين ، سلام عليكم فإني أحمد إليكم اللّه الذي لا إله إلا هو أما بعد : فان كتاب مسلم ابن عقيل جاءني يخبرني بحسن رأيكم واجتماع ملئكم على نصرنا ، والطلب بحقنا ، فنسأل اللّه ان يحسن لنا الصنيع ، وان يثيبكم على ذلك أعظم الأجر وقد شخصت إليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية ، فاذا قدم عليكم رسولي فاكتموا أمركم ، وجدوا فاني قادم عليكم من أيامي هذه إن شاء اللّه والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته» (١).
ودفع الكتاب بيد البطل الفذ قيس بن مسهر الصيداوي فأخذ يجذ في السير لا يلوي على شيء حتى انتهى الى القادسية فاستولت عليه مفرزة من الشرطة اقيمت هناك تفتش كل من يدخل للعراق ويخرج منه تفتيشا دقيقا ، وأسرع قيس إلى الكتاب فخرقه لئلا تطلع الشرطة على ما فيه
__________________
(١) البداية والنهاية ٨ / ١٦٨ ، وفي الفتوح ٥ / ١٤٣ صورة أخرى مطولة للكتاب ، وفي أنساب الأشراف ق ١ ج ١ صورة أخرى لهذا الكتاب.