يومئذ ثكلتك امك يا بن مرجانة» :
وفقد الحقير اهابه من هذا التبكيت الموجع ، والتعريض المقذع ، وتميز غيظا وغضبا ، وهمّ أن ينزل بها عقوبته فنهاه عمرو بن حريث ، وقال له : انها امرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها ، فالتفت إليها قائلا :
«لقد شفى اللّه قلبي من طاغيتك ، والعصاة المردة من أهل بيتك» وغلب على العقيلة الحزن والأسى من هذا التشفي ، والجرأة عليها ، وقد تذكرت الصفوة الأبطال من أهل بيتها الذين سقطوا في ميادين الجهاد فادركتها لوعة الاسى فقالت :
«لعمري لقد قتلت كهلي وأبدت أهلي ، وقطعت فرعي ، واجتثثت أصلي فان يشفك هذا فقد اشتفيت»
وتهافت ابن مرجانة وسكن غيظه وراح يقول :
«هذه سجاعة. لعمري لقد كان أبوها سجاعا شاعرا»
فردت عليه زينب : ان لي عن السجاعة لشغلا ما للمرأة والسجاعة (١)
ما الأم هذه الحياة وما اخسها التي جعلت ربيبة الوحي أسيرة عند ابن مرجانة وهو يبالغ في احتقارها وتوهينها.
ان كان عندك يا زمان بقية مما يضام به الكرام فهاتها
وادار الطاغية بصره في بقية آل البيت (ع) فرأى الامام زين العابدين وقد انهكته العلة فسأله :
«من أنت؟»
__________________
(١) المنتظم ٥ / ٩٨