«ويحك يا ابا هرة إن بني أمية أخذوا مالي فصبرت ، وشتموا عرضي فصبرت ، وطلبوا دمي فهربت وايم اللّه لتقتلني الفئة الباغية ، وليلبسهم اللّه ذلا شاملا ، وسيفا قاطعا ، وليسلطنّ عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من قوم سبأ إذ ملكتهم امرأة منهم فحكمت في أموالهم ودمائهم حتى أذلتهم» (١).
وانصرف الامام ، وهو ملتاع حزين من هؤلاء الناس الذين لا يملكون وعيا لنصرة الحق قد آثروا العافية وكرهوا الجهاد في سبيل اللّه.
ولما انتهت قافلة الامام إلى (بطن العقبة) بادر إليه بعض مشايخ العرب المقيمين هناك فقال له :
«أنشدك اللّه إلا ما انصرفت ، ما تقدم إلا على الأسنة وحد السيوف وان هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مئونة القتال ، ووطئوا لك الأمور فقدمت على غير حرب كان ذلك رأيا واما على هذا الحال الذي ترى فلا أرى لك ذلك».
فقال (ع) : «لا يخفى علي شيء مما ذكرت ، ولكنى صابر ومحتسب إلى أن يقضي اللّه أمرا كان مفعولا» (٢).
__________________
(١) الدر المسلوك ١ / ١١٠
(٢) الفصول المهمة لابن الصباغ (ص ١٦٧)