زياد إليها فقد أخذت تعمل على نشر التشيع هناك ، وقد استغل دعاة بني العباس تلك الثمرة التي أوجدتها دعاة الشيعة في فارس فاتخذوها مقرا لهم ، ومنها انطلقت الثورة على بني أمية فأطاحت بعرشهم ، وسلطانهم.
وأعرض الامام عن البصرة لأنها كانت عثمانية الهوى ، وكان الكثيرون من أبنائها شيعة للزبير وطلحة ، يقول أبو جعفر الاسكافي : «كان أهل البصرة كلهم يبغضون عليا» (١) وسبب ذلك حرب الجمل التي حصدت رءوس الكثيرين من أبنائها فاترعت نفوسهم بالكراهية للامام وأبنائه نعم فيها بعض الشيعة وقد كاتبهم الامام عند ما أراد التوجه إلى الكوفة.
وعلى أي حال فان الكوفة كانت أصلح مركز لاعلان الثورة على الأمويين فقد تزعمت هذه المدينة الثائرة الحركة المعارضة لبني أمية ، كما كانت أهم موقع استراتيجي في العالم الاسلامي ، وقد تهيأت تهيأ تاما بعد هلاك معاوية لدعوة الامام كما كانت الوطن الأم لشيعته ، فقد كانت قلوب أهلها تفيض بالحب والولاء له.
لقد كان اختيار الامام (ع) الهجرة إلى الكوفة دون غيرها مبنيا على دراسته الوثيقة لواقع الأقطار الاسلامية واحاطته باتجاهات المواطنين فيها سواء في الميادين السياسية أو العقائدية ، ومدى قدرتهم الاقتصادية
__________________
(١) شرح النهج ٤ / ١٠٣