والسلام» (١) وهذه أوجز رسالة تكتب في مثل هذه المحن الشاقة التي تعصف بالصبر.
والتحق هرثمة بن سلمى بمعسكر ابن زياد ، ولما انتهى الى كربلا تذكر حديثا مضت عليه حفنة من السنين فنساه فقد كان مع الامام امير المؤمنين في غزوة له ، وقد مر على كربلا فنزل إلى شجرة ، وصلى تحت ظلالها ، فلما فرغ من صلاته أخذ قبضة من تلك الأرض وشمها وأخذ يقول :
«واها لك من تربة ليقتلن بك قوم يدخلون الجنة بغير حساب!!» ومضى هرثمة إلى الحسين مسرعا فحدثه بما سمعه من أبيه ، فقال (ع) له :
«معنا أو علينا؟»
«لا معك ولا عليك ، تركت عيالا»
وساق له الامام نصيحته فأمره بمغادرة كربلا لئلا يشهد واعية أهل البيت قائلا له :
«ول في الأرض فو الذي نفس حسين بيده لا يشهد قتلنا اليوم رجل إلا دخل جهنم».
وانهزم هرثمة من كربلا حتى وافته الأنباء بمقتل الامام (٢) وقد حرم من الشهادة بين يدي ريحانة رسول اللّه (ص).
__________________
(١) كامل الزيارات (ص ٧٥)
(٢) تاريخ ابن عساكر ١٣ / ٧٧ ، وسيلة المال في عد مناقب الآل (ص ١٧٩).